سمعت عني فاسمع مني
جلست لأستريح على ضفاف نهر المعرفة فوجدت كتابا رائعا بحق اسمه سمعت عني فاسمع مني للأستاذ أحمد السيسي فتجولت بين كلماته ووجدت الآتي وأردت أن انشر ملخص له وأترك الحكم للقراء.
كيف صرت من هؤلاء ؟
كان ذلك قبل أعوام ساقتنى قدماى إلى ذاك المسجد المنزوى فى أحد أركان شارعنا،صليت فيه مع المصلين ولكم أدهشتى ايتسامة أحدهم الآسرة حين جاءنى محييا وكأنه يعرفنى منذ سنين، و لا أخفيك سرا فلقد فعلت هذه الابتسامة فى نفسي مفعول السحر.
انصرفت من المسحد وفى نفسي شعور غامض لم أستطع تفسيره، ترى أصدمتني حقيقة أنى لم أر هؤلاء عن قرب أو أسمع منهم !! ربما
كانت قدماي تحملني بين الفينة والأخرى إلى ذات المكان وشيئا فشيئا ألفت قدماي طريقها إلى هناك !!! ربما
أم أن يدي قد ألفت دفء الأيدي المصافحة بكل حب ومودة..لست أدرى. لكننى أدرى أنى قد رأيت قوما قد جعلوا لحياتهم غاية من أشرف الغايات ....... غاية لا تستشرف إليها إلا أنفس حرة لا تستعبدها الشهوات.
إنهم بشر كالبشر يحزنهم ما يحزننى ويحزنك ويسعدهم ما يسعدنى ويسعدك , يشتهون ما نشتهى , ويتألمون مما نتألم يخطئون كما يخطىء غيرهم من البشر ويصيبون كما يصيب غيرهم من اليشر ..................... غير أن هناك فرقا واحد ا يفرق بينهم وبين ما تراه حولك فى كل مكان
أتدرى يا صديقى ما هو؟
هؤلاء قوم اختاروا أن يعيشوا حياتهم حقا بمنهج الإسلام فبذلوا الوقت والجهد في تعلمه والعمل به والدعوة إليه , ألم يقل ربك سبحانه " والعصر إن الإنسان لفى خسر إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر"
ولأن زمانهم هو زمان غربة الإسلام عن أهله الذى أخبر عنه نبيك نبى الهدى صلى الله عليه وسلم فى قوله " بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتى" فلقد بحثوا عن الإسلام في أنقى صوره فلم يجدوه في زمان غير زمان الأولين من الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
إنهم خير أجيال المسلمين بشهادة النبى صلى الله عليه وسلم حيث قال "خير أمتى قرنى ثم الذين يلونهم ثم للذين يلونهم "
هؤلاء هم سلف أمتنا الذين أرسوا دعائم مجدنا ونهضتنا
فهل عرفت ياصديقى الآن من هم السلفيون ؟ أنا وأنت أخى وأخوك أختى وأختك كلنا سلفيون بقدر اتباعنا للنبى صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام .
وكأنى اقرأ سؤالا يدور بخاطرك ما الداعى لاستحداث الوصف بالسلفية ألا يغنى عن ذلك الوصف بالإسلام فقط بدلا من تلك التسميات التى تفرق ولا تجمع ؟
يا أخى حين ظهرت البدع والانحراف عن السنة و الأحزاب والفرق التى أخبر النبى صلى الله عليه وسلم عن وقوعها فى قوله صلى الله عليه وسلم ) وستفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة كلها فى النار إلا واحدة قيل من هم :قال هى ما كانت على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابى (
فالسلفية إذن هى منهج وطريقة لفهم الإسلام والعمل به والدعوة إليه والجهاد فى سبيله كما أنها ليست حكرا على جماعة من الناس وليست حزبا يضم فريقا دون فريق بل هى عنوان على منهج الإسلام الأصيل وهى بهذا التعريف ملك لجميع المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها وليست بديلا عن الإسلام .
وتقول لى ما دمنا جميعا سلفيين كما تزعم فلماذا يتعصب بعض الشباب لهذا الاسم ويتسمون بالجفاء والغلظة فى التعامل معنا ومع غيرنا مع أن الإسلام يدعو إلى الرفق والتيسير ؟
ألم أقل لك يا صديقي إنهم بشر كالبشر يحزنهم ما يحزن البشر ويسعدهم ما يسعد البشر, إذا وافقتنى على ذلك فأنا أيضا أوافقك على أن بعض الشباب الذين انتهجوا هذا المنهج لا يحسنون التعامل مع الناس فيفقدون ود هم بممارساتهم لكنها ممارسات ليست من السلفية فى شىء بل هى فى الحقيقة مناقضة لها فالسلفية تدعو إلى منهج الإسلام الراقى النقى فى التعامل بين بنى البشر من الحب والوئام وإفشاء السلام كما قال صلى الله عليه وسلم " إنما بعثتم ميسرين, ولم تبعثوا معسرين " ألست معى فى أن كثيرا من المسلمين يقعون فى مخالفات صريحة لأحكام الإسلام , أيجوز لنا أن نحكم على دين الاسلام من خلال سلوك المنحرفين عنه ؟؟ كأنى أسمعك تقول لا
دعنى أطرح عليك هذا الاقتراح لماذا لا نطبق أنا وأنت هذا المنهج التطبيق الصحيح ونكون عنوانا على المظهر النقى لديننا ولدعوته ونقدم نموذجا عمليا لما نحب أن نراه من غيرنا ؟
قد تسألنى لكنَ السلفيين معروفون بالتشدد والتزمت ؟
وأجيبك بكل أريحية دعنا نحدد أولا مفهوم التشدد والتزمت ومفهوم التيسير
التشدد يا صديقى هو اختراع أحكام ما أنزل الله بها من سلطان كما فعل أهل الكتاب الذين أخبر عنهم صلى الله عليه وسلم " شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم " و كما فعلوا حين اخترعوا الرهبانية حتى بعث الله نبيه بالهدى ودين الرحمة ليضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم بديننا دين التيسيرإنك إذا نظرت إلى الحياة حولك وبحسبة بسيطة وقارنت بين ما أحل الله لك وما حرم عليك لوجدت أن دائرة الحلال أوسع بكثير من دائرة الحرام , ولو تبصرت فى ماهية هذا الحرام لعلمت رحمة الله بنا فى تحريمه ومنعه " ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" فتحريم الخمر والمخدرات ما هو إلا حماية للفرد والمجتمع وتحريم الزنا ومقدماته من نظر واختلاط ما هو إلا حماية للأسرة و طهارة للمجتمع.
فقل لى بربك بعد هذا كله أيعد اتباع الشرع بفعل الواحبات وترك المحرمات واتباع السنة تشددا؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!! !!!!!!
وكأنى بك تقول لكننا كثيرا ما نسمع أن الفكر السلفى فكر وهابى .
أحب أولا يا صديقى أن تعلم أن إطلا ق كلمة فكر سلفى أو وهابى هو إطلاق غير صحيح , فالسلفية منهج وليست فكرا
أما الوهابية فهى حركة إسلامية قام بها إمام مجدد ومصلح عظيم ومجاهد كبير هو الإمام محمد بن عبد الوهاب لمحاربة البدع والتخلف وقد كان هدفها العودة للإسلام الصحيح وقد أقامت دولة إسلامية عظيمة امتدت حدودها من العراق إلى اليمن , ولذلك حاربها الاستعمار الصليبى حين رأى إقبال المسلمين على الانضواء تحت لوائها ووصفوهم بالوهابية وأن لهم مذهبا جديدا , وأنهم متعصبون ويكفرون الناس ويسفكون دماءهم وكل هذه أباطيل وأكاذيب أرادوا بها تشويه صورة الإسلام النقى المتمثل فى هذه الدعوة المباركة خوفا على مصالح الاستعمار الصليبى ومطامحه ولذلك أغروا محمد على بحرب هذه الدعوة العظيمة حتى لا تنتشر فى سائر أنحاء العالم الإسلامى فهل بعد ذلك يسعنا أن نعتبر الوهابية نقيصة نصم بها من وافقهم فى المنهج والدعوة ؟
ولكنى كثيرا ما أسمع أن السلفيين يريدوننا أن نعود لنعيش الماضى ويحرمون كل مظاهر التقدم !!!
وأقول لك إن هذا كلام يكذبه الواقع فالسلفية تدعو إلى التقدم والتطوير والتحضر والمدنية ومن سمات الدعوة السلفية التقدم لا الرجوع إلى الوراء ودين الإسلام هو دين الحضارة والعلم لا الرجوع إلى الوراء واتباعنا للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يعنى أننا سننفصل عن زماننا فنحرم ما فيه من مظاهر الحضارة والانتفاع بالنافع من المخترعات الحديثة.
ولكنكم تحرمون تعليم النساء ومشاركتهن فى الحياة
يا صديقى هذه فرية ظاهرة البطلان فالمرأة فى دين الإسلام مثلها مثل الرجل لها حقوق وعليها واجبات , ومن حقوقها الحق فى التعليم كالرجل تماما والجامعات تشهد كل عام التحاق أعداد كبيرة من الأخوات الملتزمات بدين الله المتمسكات بالحجاب.
إذا كنتم تشاركون في كل أنشطة المجتمع فلماذا لم تشاركوا فى الثورة الشعبية المصرية ؟
سؤال كنت أنتظره ولو لم تسألني لطرحت أنا هذا السؤال أكان نجاح الثورة متوقفا على المتظاهرين والمعتصمين فحسب؟ ألم تكن اللجان الشعبية إسهاما فى الثورة ودعما للجبهة الداخلية ولقد كان للسلفيين دورهم البارز فيها فى حراسة الممتلكات وتنظيف الطرقات وتحويل المساجد إلى إذاعات للاستنفار والتحذير والتوجيه كما كان لهم دور رائع فى تخفيف المعاناة عن جماهير الشعب وقطع السبيل على المحتكرين والجشعين الذين رفعوا أسعار السلع الغذائية.
من سامه زبانية النظام السابق سوء العذاب ؟ من الذى تعرض للاعتقالات وفتحت له أبواب السجون على مصاريعها ألم يكن أبناء
التيار الإسلامى بكل توجهاته من سلفية وغيرها ؟
ألم تسأل نفسك لمصلحة من يتجاهل دورالتيار الإسلامى وإسهاماته الآن و سنين كفاح أهله من أجل الإصلاح؟
ولكننا سمعنا أنكم تريدون الحكم وتتاجرون بالدين
يعلم الله أننا لم نكن فى يوم باحثين عن جاه أو سلطان نحن دعاة تحقيق العبودية لله على كافة الأصعدة . لم نتقاض أجرا ماديا على أى عمل قمنا به لدعوة الناس أو إيصال الخير لهم وأهدافنا هى أهداف دين الإسلام
وكما قال سبحانه موصيا نبيه وأتباعه من بعده " قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعن وسبحان الله وما أنا من المشركين "
فدعوتنا دعوة سلمية علنية لا تجنح إلى العنف ولا التكفير ولا التنازل عن ثوابت الإسلام وتمييع قضاياه فهى سلفية المنهج سلفية المواجهة وأثر الدعوة واضح فى ربوع العالم الإسلامى.
ولكن وسائل الإعلام تقدم لنا صورة مختلفة عنكم
الهجوم على السلفيين وغيرهم مرتبط بالهجوم على دين الإسلام حين فَضح دعاة العلمانية والليبرالية وظهر إفلاسهم وضعف تأثيرهم على أبناء الشعب المائلة فطرتهم إلى الدين الحق صبوا جام غضبهم على أهل الدين من خلال وسائل الإعلام لتنفير الناس منهم وهى حرب قديمة سلفهم فيها أبو جهل وأبو لهب وكبراء قريش الذين وصفوا النبى صلى الله عليه وسلم بالسحر والكهانة وزعموا أنه يريد أن يسفه آباءهم ويهدم قيمهم ويفرق جماعتهم.
التعليقات على الموضوع