الرصاصة والظلام
الرياض / صدر للكاتب عادل أبو هاشم كتاب بعنوان "الرصاصة والظلام" يرصد فيه خطوات الشهداء التي تجاوز حسب قوله الألف ميل إلى آلاف الأميال ، قطعوها خطوة .. خطوة من رمال شاطئ غزة الأزرق إلى حقوق القمح وأشجار العنب في الخليل ومن جبال وكهوف نابلس إلى حقول الألغام والأسلاك الشائكة أينما ولوا وجوههم في المسيرة إلى الوطن ، أو ما تبقي من هذا الوطن!
وعلى الطريق إلى الوطن وداخل الوطن ، سقط العشرات من الشهداء. كالعصافير يمرون يشحذون الذاكرة بكل شظاياها يحرضون على عدم النسيان يتداخلون بكل تفاصيل الأيام يقتحمون الشوارع والأحلام .. ويتجسدون
شهداء يتعمدون في عمق الأرض رياحينا وشقائق نعمان وينبعثون كل يوم فينا من رماد الأرض كالعنقاء .
عندما تمر الأيام عندما تغوص أجسادهم الطاهرة عميقاً في الأرض نريد لصورهم أن تبقى .. نريد لهم أن يظلوا نبراساً وبركاناً .
لا نريد لملامحهم وأسمائهم العبور هكذا من فوق أيامنا لأنهم الحقيقة والتغيير ، لأنهم الواقع والمستقبل الذي سيأتي ولآن في استشهادهم أسمى معاني الحياة، فهم الذين كتبوا بدمائهم مالم يستطع مداد الأرض كتابته. قاماتهم العملاقة تحرس حلمنا وتحصن تربيتنا الفلسطينية من الانجراف والانحدار، حيث لقامات الشهداء انغراس أعمق في الأرض، انغراس يصنع لنا الحقيقة والجذور.
إنها التراجيديا الفلسطينية من موكب جنائزي إلى آخر ومن شهيد يرتقى إلى آخر يسابقه وكأنهم جميعاً في سباق أسطوري يفيض برائحة القدس وعبق يافا واللد والرملة وحيفا.
لا يمكن الكتابة عن تاريخ إنشاء الدولة العبرية بغير لغة الدم فبعد مرور أكثر من تسع وخمسين عاماً على النكبة، وبعد مسارات الحروب من الانكسارات والانتصارات والانتفاضات وما تخللها من مجازر جماعية هدفها إبادة الشعب الفلسطيني، أصبح الاغتيال بدم بارد للإرادة الإسرائيلية للسيطرة على الحديث بقوة الآلة العسكرية ولم يكن نهج الاغتيال الذي شهدته السنوات الأخيرة من عمر انتفاضة الأقصى ردة فعل جديدة ، بل شكل قفزة
نوعية سبقها تراكم كمي يمتد إلى قبل إعلان الدولة العبرية.
إن القتل المتعمد والمنهجي الذي يمارس في إطار إرهاب الدولة العبرية لا يعترف بوجود خطوط حمراء مثلما لا يعترف بالقانون الإنساني الدولي فالكل مستهدف طالما أن الرغبة الإسرائيلية في الاستحواذ على المكان والزمان تقتضى الأمر.
وعمليات الاغتيال لم تكن حالات مؤقتة أو طارئة بل مستمرة استمرار الدولة العبرية على إنقاص شعب آخر .
إن عمليات الاغتيال تعتبر جزءاً من العقيدة والسلوك الإسرائيلي الذي درجت عليه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة. ولا بد من الإشارة إلى نقطتين هامتين
الأولى: إن هذه الصفحات ما هي إلا مقتطفات من السيرة الجهادية للذين اغتالتهم يدر الغدر الصهيونية ولو أردنا الاستفاضة في الحديث عن المشوار الجهادي لكل قائد ومناضل وكادر لاحتجنا إلى كتابة كتاب يتناول هذه المسيرة الجهادية الحافلة بالعطاء والتضحية.
الثانية : إن هذا الكتاب هو الجزء الأول من عدة أجزاء ستصدر تباعاً أرجو أن يساهم هذا الكتاب في فضح جرائم الإرهاب الصهيوني ضد أبناء شعبنا الفلسطيني وكذلك في تكريم الشهداء الأبطال وتخليد ذكري الذين سقطوا
دفاعاً عن الثورة والوطن والمقدسات والشعب وعن شرف وكرامة أمتنا العربية والإسلامية. أسال الله العلي القدير أن يجزل المثوبة والأجر لكل من قدم يد العون والمساعدة في أعداد هذا الكتاب والذين أسهموا بمزيد من المعلومات أو الصور عن الشهداء.
التعليقات على الموضوع