اعلان بالهيدر

هل الساحة المصرية بحاجة لعودة حزب الأحرار الدستوريين؟

ظهرت في مصر أحزاب تدعو لعودة الملكية وأخرى كانت موجودة في العهد الملكي، على رأسها حزب الأحرار الدستوريين الجديد. DW عربية قابلت كوادر الحزب لمعرفة سماته ومدى التشابه والاختلاف بينه وبين الحزب القديم.

عاد حزب الأحرار الدستوريين مرة أخرى إلى الحياة السياسية بعد تسعين عاما من تأسيسه الأول، عام 1922 من أعضاء لجنة الثلاثين التي وضعت دستور 1923. وهو أول دستور أدخل النظام البرلماني لحكم البلاد، وكان الحزب في عام 1922 برئاسة عدلي يكن رئيس وزراء مصر الأسبق. وعاد الحزب مرة أخرى برئاسة محمد فايز يكن، وذلك بعد قبول لجنة الأحزاب السياسية بمجلس الشورى بجلستها المنعقدة في 14 إبريل هذا العام. إلى جانب ذلك ظهر حزب جديد بعد الثورة تحت التأسيس، لم يحصل على موافقة رسمية، بعد أسمه الحزب "الملكي الدستوري"، ويسعى هذا الحزب لإقامة نظام دستوري برلماني ملكي. DW عربية حاولت الوصول إليهم ولكنها لم تحصل على رد منهم.
الإخوان مثلهم مثل الاحتلال الإنكليزي"
كان لـ DW عربية لقاء مع محمد فايز عدلي يكن، أحد مؤسسي الحزب، وهو حفيد لمؤسس حزب الأحرار الدستوريين عدلي باشا يكن، ورئيس وزراء مصر السابق ثلاث مرات بين أعوام 1921 و 1931. أستهل يكن حديثه بالإشادة بدور الحزب التاريخي في فترة الاحتلال الإنكليزي، ومشاركة الحزب في وضع دستور 1923. وشدّد على أنه بعد ثورة 1952 وقرار تجميد الأحزاب السياسية، لم تتواجد الفرصة للظهور سوى بعد ثورة 25 يناير بسبب المناخ السياسي غير المشجع.
وأسرد يكن أهداف الحزب، التي تتمثل بالأساس في أن تكون مصر دولة مؤسسات، وإحداث تنمية اقتصادية مستدامة، وكل ذلك سيساعد على تحقيق وإعادة توزيع الموارد والثروات ورفع الدخل. وأكد يكن على أن الأخوان مثلهم مثل الاحتلال الإنكليزي، يستدعي مواجهته. وأعلن انضمامه إلى كافة القوى السياسية، ومشاركته في يوم 30 يونيو القادم من أجل إسقاط النظام. وأختتم حديثه قائلا " نأمل أن نحقق نفس النتيجة التي حققها الحزب".

واعتبر أن فترة ما قبل ثورة 1952هي الفترة الوحيدة التي عاصرت الديمقراطية، وهي الأقوى اقتصاديا. في هذا السياق، يقول يكن "الشعب بحاجة للحزب لأنه لديه خبرة متراكمة من دستور 1923، دستور يحقق العدالة والمواطنة".
"حزب كرتوني"
ويتهم البعض هذا الحزب بأنه حزبا كارتونيا، لأنه قائم على فقط على تاريخ حزب قد ولى منذ عقود طويلة، وهو ما نفاه يكن مؤكدا أن الحزب يسعى أن يكون من أهم عشر أحزاب في مصر في ظل المنافسة الشرسة بين أكثر من 80 حزب موجود على الساحة السياسية المصرية. وتابع بحماس شديد "سيكون أساس الحزب أسمه، الذي سيعطيه نوعا من الاحترام، حيث مازال لدى الناس وعي وثقافة بمعرفة الحزب ومواقفه السابقة".
وعبر يكن بغضب شديد على أن الأحزاب السياسية الموجودة في مصر قائمة على "الشخصنة" ، وهو ما يعتبره سبب من أسباب هدم البلد، والمثال الواضح هو الحزب الوطني الذي كان قائما على شخص الرئيس السابق مبارك. بالإضافة إلى ذلك، وصف يكن الأحزاب السياسية الموجودة على أرض الواقع بـ الضعيفة، لأنها فشلت منذ ثورة 25 يناير حتى الآن في تحقيق أهدافها.
مؤسس للحزب يؤيد أن تتحول مصر إلى نظاما برلمانيا
ويتحدث المهندس نزيه العسكري، أمين التنظيم في الحزب لـ DW عربية، قائلا " فكرة الملكية أمر صعب، وأن الحزب يحترم جميع الدساتير المصرية منذ ثورة 1952 حتى الدستور الحالي". ولكنه يفضل وجود نظام برلماني وتكون سلطات الرئيس شرفية.
وشدد العسكري على أن الحزب لا يعتد فقط بتاريخه بل أيضا بمجموعة من الكوادر التي يعتبرها قادرة على تقديم نموذج حقيقي لمصر. مؤكدا في النهاية أن الحزب له قاعدة جماهيرية وأنه يسعى للانتشار في ظل عقد مؤتمرات وعمل تشكيلات في محافظات كثيرة بكوادر جديدة.
الشارع المصري بين منقسم ومؤيد
يرى محمد الحسيني، وهو باحث مستقل، في حديثه لـ DW عربية، أن هذه الأحزاب لديها أحقاد على الحقبة الناصرية والسياسات الشعبية، لأنه تم انتزاع ممتلكاتهم. واصفا إياهم بـ الطبقة اليمينية الليبرالية، وأن انحيازاتها الاقتصادية ليست مع الشارع.
وأردف قائلا "هناك عاقبة كبيرة تكتنف الحزب أهمها تشويه الحقبة الملكية في مصر". إذ أعتبر الحسيني أنه لا توجد جدية في طرح الحزب، ويرغب في رؤية مصر كما في الأفلام القديمة. وأعزى الحسيني ذلك إلى انفصالهم عن الواقع.
بينما أيد محمد يوسف، وهو مدير مبيعات، في حديثه لـ DW عربية ظهور هذه الأحزاب التي ارتبطت بفترة من الحداثة والرقي وبأسرة محمد علي، التي جرى في عهدها تطور ونقلة حضارية في مصر، واصفا القاهرة في تلك الفترة بباريس. وأعتبر أننا مازلنا نعيش على أمجاد تلك الفترة، وبالتالي هذه الأحزاب جديرة بأن تحظى بثقة المواطن المصري.
"حزب الأحرار مجرد زوبعة في فنجان"
يعتبر أحمد كامل البحيري، وهو محلل سياسي في الشأن المصري، أن أغلب الأحزاب التي ظهرت بعد عام 1975 كانت امتداد طبيعي لما قبل ثورة 1952 وعلى رأسهم حزب العمل الاشتراكي وحزب الأمة وحزب الوفد. ولكنه امتداد بالاسم وليس امتدادا إيديولوجيا أو طبيعيا.
وأعتبر البحيري أن الركيزة الأساسية للحزب لم تعد موجودة وهي مواجهة الاستعمار الانجليزي، بالإضافة أن الحزب، كان اقل شعبية من حزب الوفد في فترة ظهوره. ويشرح البحيري أن الحزب ليس له شعبية لأنه قائم على التوريث، وهو ما يبغضه المصريون وبسببه قامت ثورة 25 يناير. وأضاف" هذه الفترة ارتبطت في ذهن المواطنين بفترة الاغتيالات السياسية وعدم الاستقرار".
لكن هل هذه الظاهرة قابلة للانتشار أم أنها زوبعة في فنجان وستختفي، هذا السؤال حاول زياد عقل، الباحث في مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية، الإجابة عليه مؤكدا أنها ظاهرة ستختفي. وفسر زياد ذلك بأن هذه الأحزاب لم تظهر في ظل انفراجة في المجال السياسي، ولكنها ظهرت إجلالا لحالة السيولة في إنشاء الأحزاب .
وتابع "هذا الحزب أقصى شيء قد يقوم به هو إدلاء تصريحات، طالما لا يوجد استثمار سياسي حقيقي أي بتبني مواقف وسياسات أو بأخذ أفعال مثل الاعتصام والدخول في مفاوضات". وفي النهاية أوضح "إذا لم ينجح الحزب في عمل استثمار جيد، لن يكون له وجود".

نقلا عن  Deutsche Welle

ليست هناك تعليقات