اعلان بالهيدر

ياسر أبوالريش يكتب: العصف المأكول عملية تواَّزن الرعب

لم يكن يتخيل اكثر المتفائلين أن تتصدي “العصف المأكول” للجرف الصامد وتجبرها على التراجع صانعة حالة جديدة تسمى في عالم الحروب توازن الرعب مع تفاوت العدة والعتاد والقوة التي تملكها “حماس” بمقارنة قوة الجيش الإسرائيلي .

عملية العصف المأكول هو الاسم الذي اطلقته كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة “حماس” على العملية العسكرية التي تقوم بها ردًّا على عملية “الجرف الصامد” العسكرية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ ما يقارب الشهر.
''العصف المأكول'' التي اطاحت بوزير الحرب الإسرائيلي داني دنون، بعد أن اظهرت صمود حماس أمام الآلة العسكرية الصهيونية، واجبرتها على الاختباء في الملاجئ، حيث استخدمت حماس لأول مرة اسلحة جديدة وقصفت أهدافا كانت تعتبر بعيدة عن مدى اسلحتها مثل تل أبيب وبيت يام وديمونا ومطار بن غوريون وأسدود في مفاجئه من العيار الثقيل للعدو.
وأخذ الأمر صيغة التحدي، ووصل لصورة اقرب إلى الاستعراض بعد ان حددت حماس أمام وسائل الاعلام أنها ستقصف اهدافا صهيونية في تل ابيب بصواريخ جديدة من صعنها، داعية اسرائيل إلى محاولة التصدي لها ان استطاعت، وهو ما لم يستطيع جيش العدو التصدي لها، وبالفعل تمكن القسام في هذا اليوم من قصف أهداف صهيونية بـ85 قذيفة صاروخية منهم صاروخ من طراز R160، و6 صواريخ من طراز سجيل 55، و8 صواريخ M75، وانهارت خرافة القبة الحديدة وأصبحت كخرقة بالية لا قيمة لها.
كما كشفت القسام النقاب عن طائراتها بدون طيار "ابابيل" التي تستخدم للاستطلاع والهجوم حيث تستطيع حمل اربعة صواريخ تطلق عن بُعد، وصاروخ سام 7 هو نظام دفاع جوي صاروخي محمول على الكتف من نوع أرض - جو قصير المدى، كما كشفت عن صاروخ جديد من طراز “آر 160.
ليس هذا كل شئ بل أنها قامت بعمليات انزال نوعية خلف خطوط العدو اسفرت عن اسر وقتل الكثير من جنود العدو وتدمير بعض آلياته العسكرية وهو ما اعترف بع الصهاينة انفسهم. 
وسائل الاعلام العالمية أكدت ان كل مخططات الكيان الصهيوني للقضاء على حماس فشلت وزادت عزلته، مؤكدة ان كل محاولات إسرائيل، طيلة ثماني سنوات، لإجبار حماس على الخضوع والاستسلام لم تفشل، وفقط، ولكن نجحت أيضا في تنامي التشدد في أوساط السكان الفلسطينيين وأفضت إلى نفور أقوى حلفائها.
وعلى الجانب الأخر كانت القاهرة تحاول صياغة مبادرة لإنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وهي المبادرة التي رفضتها حماس، وقد اعتبر المحللين أن تلك المبادرة  جاءت لنجدة إسرائيل وإنقاذها من البلاء العظيم الذي حلّ بها، وقبل وقوعها في الهزيمة وهي على شفا منها، ولتضع من ناحيةٍ أخرى، بشكلٍ مباشر أو غير مباشر حركة حماس في مأزق الرفض، بعد التأكّد من أنها لن تُبدِ أيّة مرونة باتجاهها، بناءً على تصريحاتها المسبقة بأن أيّة مبادرات لا تلبي الاشتراطات المطلوبة للمقاومة وللشعب الفلسطيني، هي مرفوضة لديها، والمبادرة المصرية بالطبع لم تأتِ على ذكر أي منها.
المتابعون للوضع أكدوا أن مصر للوهلة الأولى، لم تشأ في التقدم بأيّة مبادرة من شأنها إيقاف العدوان لعدم اعترافها بحماس كونها امتداد لجماعة الإخوان المسلمين، لكن ما تكوّن لديها من ضغوطات غربيّة وإسرائيلية بالذات، علاوة على ضرورة استعادة مصر لمكانتها كدولة كبرى ولها وزنها في المنطقة على الأقل، جعلها تُقدم على تسجيل المبادرة والإعلان عنها.
"العصف المأكول" عملية عسكرية كشفت عن هشاشة الوضع العربي وترهل الأشقاء الامراء والملوك والرؤساء، في المقابل اثبتت قوة حماس الذي يأتي من أنها تضع بين عينيها أهدافاً باتت قريبة من اليد، بعد أن فقدت الأمل في النخوة العربية التي يبدو انها ماتت منتحرة، بعد أن رأت بأم عينيها بعض المسلمين والعرب يقفون في صف الكيان الصهيوني داعين اياه الى سحل وقتل أهل غزة.



ياسر ابو الريش

كاتب وباحث سياسي

ليست هناك تعليقات