هزيمة ديمقراطية أم تحول دستوري
تركت الأحداث التي عاشتها مصر على مدى أيام قبل أن تنتهي إلى عزل الرئيس محمد مرسي من جانب الجيش وتعليق العمل بالدستور مساحة واسعة من ردود الفعل الدولية، عربية واجنبية.. بين مؤيد لما آلت إليه الأمور وبين معارض، وبين من رأى أن الأمور يخص الشعب المصري وهو الذي يقرر مصيره بنفسه.. ودول أخرى مثل ألمانيا تعتبر أن ما حدث في مصر انتكاسة للديمقراطية، بينما رأت دول أخرى أن علاقتها مع مصر قائمة حتى لو تغير الحاكم، وهو ما عبرت عنه الصين..
وهنا أبرز ردود الفعل هذه كما تم رصدها:
قلق امريكي
أعرب الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، عن قلقه من خطوة القوات المسلحة المصرية بعزل الرئيس محمد مرسي، وتعليق العمل بدستور البلاد، مؤكدا على أن بلاده ومنذ بداية الطريق لا تقف بجانب صف أو فئة معينة وتحترم إرادة الشعب المصري.
من جانب أخر قال السفير الأمريكي لدى إسرائيل دان شابيرو، إن واشنطن ستؤيد أي نظام ديمقراطي في مصر، مشيرا إلى أن هذا هو السبب من وراء الدعوة التي أوباما إلى الجيش المصري لنقل السلطة إلى أيد مدنية على وجه السرعة.
انتكاسة للديمقراطية
بدروه وصف وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله ما حدث في مصر بأنه انتكاسة شديدة للديمقراطية في البلاد، مؤكدا أن مثل هذا التعطيل للنظام الديمقراطي ليس حلاً مستداماً للمشكلات الكبيرة التي تواجه مصر. وذكر فيسترفيله أن هناك خطراً جاداً من أن يتضرر التحول الديمقراطي في مصر جراء ذلك، وقال "هذا له عواقب كبيرة على المنطقة بأكملها تتجاوز حدود مصر". وفي الوقت نفسه أكد فيسترفيله استعداد بلاده لدعم بناء نظام دولة ديمقراطي جديد في مصر.
رفض تركي
من جهته وصف وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو إطاحة الجيش بالرئيس محمد مرسي بأنها غير مقبولة ووصف تدخله بأنه انقلاب عسكري. وأضاف لا يمكن الإطاحة بأحد من منصبه إلا من خلال الانتخابات وهي إرادة الشعب.
حث اوروبي
أما الاتحاد الأوروبي فدعا إلى عودة سريعة إلى الديمقراطية في مصر. وقالت كاثرين اشتون، مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد، في: أحث جميع الأطراف على العودة سريعاً إلى العملية الديمقراطية بما في ذلك إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة والموافقة على دستور وأن يتم ذلك بطريقة لا تستثني أحداً وبما يسمح للبلاد باستئناف وإتمام انتقالها إلى الديمقراطية.
تحفظ بريطاني
أما بريطانيا فكان موقفها أكثر وضوحاً، إذ قال وزير الخارجية وليام هيغ إن الوضع خطير بوضوح وندعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس وتحاشي العنف. وأضاف أن المملكة المتحدة لا تدعم تدخلاً عسكرياً كوسيلة لحل نزاعات في نظام ديمقراطي.
من جانبه أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن فرنسا أخذت علماً بإعلان مصر إجراء انتخابات جديدة بعد فترة انتقالية.
وفي سياق متصل اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن تدخل الجيش في مصر أمر مقلق مع اعتباره أن مطالب المتظاهرين المصريين شرعية.
ترحيب سعودي إماراتي
من جهتها رحبت دول الخليج العربية بإطاحة الجيش المصري بمرسي. فلقد أرسل العاهل السعودي الملك عبد الله أرسل رسالة تهنئة إلى المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية في مصر الذي سيُعين رئيساً مؤقتاً للدولة. وقال الملك في رسالته باسم شعب المملكة العربية السعودية وبالأصالة عن نفسي.. نهنئكم بتولي قيادة مصر في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها.
ورحبت دولة الإمارات العربية أيضاً بالتغيير في مصر وأشادت بالقوات المسلحة المصرية. ولم يصدر تعقيب حتى الآن من قطر الدولة العربية الخليجية الوحيدة التي أيدت بشكل علني جماعة الإخوان المسلمين في مصر.
أما الرئيس السوري بشار الأسد الذي يقاتل لسحق انتفاضة مستمرة منذ أكثر من عامين، فاعتبر أن الاضطرابات في مصر هزيمة للإسلام السياسي.
تطلع حركة فتح
وأعربت حركة فتح في قطاع غزة عن تطلعها بأن تخرج مصر من هذه اللحظة التاريخية بعافية وقوة وأن تستعيد بقيادتها وشعبها دورها الإقليمي والدولي الرائد الذي يليق بحجم مصر ومكانتها التاريخية.وشددت الحركة على أهمية وضرورة استئناف مصر لجهودها الطيبة ورعايتها لملف المصالحة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام على طريق استعادة الشعب الفلسطيني لوحدته الوطنية.
في حين جاء رد فعل ايران مشوبا بالحذر على تنحية الجيش للرئيس مرسي داعية الى تنفيذ المطالب المشروعة للشعب وحذرت من الانتهازية الخارجية وانتهازية العدو.
الرئيس التونسي المنصف المرزوقي علق على ماحدث قائلا إن ما جرى في مصر انقلاب على الشرعية، وهو مرفوض وأنه سيفشل.
الجيش حمى المطالب
وقد قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ذهلت من أن الفريق السيسى كتب بنفسه بيان مهلة ال 48 ساعة. وأضاف هيكل أن ما قامت به القوات المسلحة ليس انقلابا عسكريا كونها لم تستولِ على السلطة، ولكن الجيش حمى فقط المطالب الشعبية.
هزيمة ديمقراطية
وقد قال بعض اساتذة العلوم السياسية بجامعة الكويت إن الانقلاب العسكري الذي حدث في مصر، بغض النظر عن أطرافه، يعتبر هزيمة لكل دعاة وأنصار التحول الديمقراطي في المنطقة، مشيرين أن صدام حسين ظل طوال محاكمته يصّر على أنه الرئيس الشرعي للعراق،رغم أنه لم يأت عن طريق الانتخاب، فكيف نستنكر على مرسي الذي أتى عن طريقها؟!
بين الجاردين ونيويورك تايمز
صحيفة نيويورك تايمز قالت إنه ومهما يكن أداء الرئيس محمد مرسي، فإنه منتخب ديمقراطيا وإن عزله من قبل الجيش هو انقلاب عسكري لا أقل.
وأضافت أن المأساة ستكون كاملة إذا سمح المصريون لثورتهم التي أطاحت بالديكتاتور المخلوع حسني مبارك أن تنتهي برفض الجيش للديمقراطية مثلما جرى بالأمس.
هذا وقد أكدت صحيفة الجارديان البريطانية أن فرحة ثورة 30 يونيو لن تدوم طويلاً، لأن حقيقة ما حدث في مصر هو الرجوع للوراء سنتين.وقالت إن الانقلاب على مرسي سيعيد النظام القديم، بمجرد عودة الفريق أحمد شفيق المنفي في الإمارات العربية، حسب قول الصحيفة.
وذكرت الصحيفة أن "الانقلاب العسكري" له فائدة واحدة، وهي أنه أوضح في أي جانب يقف كل شخص؛ فالليبراليون والقوميون والسلفيون ورأس الكنيسة القبطية انضموا إلى جانب الدولة العميقة التي لم يتم إصلاحها".
الانتخابات السبيل الوحيد
وأضافت الجارديان أن الإخوان المسلمين اكتسبوا سببًا أكثر فاعلية أكثر من الإسلامية، وهو أنهم يكافحون الآن من أجل الديمقراطية الدستورية.
وتساءلت الجارديان: هل بإمكان أي شخص تخيل إجراء انتخابات في تلك الظروف؟ فالانتخابات هي السبيل الوحيد الآن؛ إلا أن أي من الأطراف يستطيع تحريك قواه (مؤيديه) دون الخوف من القبض عليه.
هذا ويتخوف قطاع كبير من الشعب المصري من رجوع رموز نظام مبارك للواجهة مرة اخرى وهو ما سوف يعتبر انتكاسة كبيرة لمصر وضياع لدماء الشهداء.
(د ب أ، أ ف ب، رويترز،ا.ش.ا، وبعض الصحف)
التعليقات على الموضوع