اعلان بالهيدر

بلدا واحدة لعدة شعوب يحاربون بعضهم


اقتحام وحرق بعض المؤسسات الحكومية،، ومباني المحافظات، وتعطيل خطوط السكك الحديدية، ومترو الأنفاق، انتشار مكثف لجماعات مقنعة تعرف باسم «بلاك بلوك» في العديد من المحافظات .. هو ابرز مشاهد احياء ذكرى ثورة يناير.
 وأيضا قام بعض المتظاهرين ، بمحاولة اقتحام مقر اتحاد الإذاعة والتلفزيون الرسمي «ماسبيرو» في وسط القاهرة ، وهو ما أدى إلى وقوع صدامات عنيفة مع الجيش الذي يؤمّن المبنى ذا الأهمية السيادية، وتحولت المنطقة المحيطة بالمبنى إلى ساحة صراع، قبل أن يقرر المتظاهرون التوجه إلى ميدان التحرير الذي لا يبعد أمتاراً عن ماسبيرو، الذي تمثل السيطرة عليه خطوة أساسية في أي تحرك انقلابي شعبي أو عسكري، لذا فهو محاط دوماً بحراسة فائقة مهما تبدلت الأنظمة الحاكمة في مصر.
 مشاهد العنف والفوضى التي ضربت مواقع كثيرة في مصر ، بدت أنها تعكس حقيقة عدم وجود سيطرة واضحة من رموز وقيادات المعارضة على المتظاهرين، وأن التجمعات الشبابية التي ضربت مفاصل الدولة وشلتها، لها قيادتها الخاصة التي خرجت من بينها، والتي لا علاقة لها مطلقاً بقيادات المعارضة التقليدية.
المحللون والمتابعون للوضع أكدوا أن موجة الغضب التي ضربت قلب مصر كان من أهم اسبابها عدم تحقيق أهداف الثورة.
صحيفة وول ستريت جورنال، أشارت إلى أن الحشود الغاضبة التى شهدتها شوارع وميادين مصر، كشفت عن هشاشة الديمقراطية الوليدة فى مصر، حيث الانقسامات السياسية العميقة والتشاؤم الملازم للمصريين بعد عامين من الثورة.
وأضاف مات برادلى مراسل الصحيفة الأمريكية، إلى أن المسيرات التى جابت محافظات مصر أظهرت أن العديد من المصريين مستمرون فى الاعتقاد بأن الاحتجاجات الشعبية والعنف، وليست صناديق الانتخابات هى الطريقة الأضمن للتعبير عن إرادتهم السياسية.
من جانبها وصفت مجلة "دير شبيجل" الألمانية الوضع فى الشارع المصرى بحمامات الدم، مؤكدة أن مصر أصبحت بلدا واحدة لعدة شعوب يحاربون بعضهم بعضاً، وأن الانقسام فى الجسد المصرى أصبح عميقاً للغاية.
وأشارت المجلة الألمانية فى تقرير لها ، أن تداعيات النطق بالحكم فى قضية مذبحة الألتراس أهلاوى فى بورسعيد والتى قضت بالإعدام لـ21 شخصاً من بورسعيد، هى خير دليل على ذلك الانقسام، مشيرة إلى أن الحكم جعل القاهرة تحتفل، وفى الوقت نفسه بورسعيد تبكى، وتشهد احتجاجات ينتج عنها مقتل وإصابة العشرات فى حالة من الفوضى والغياب الأمنى.
وأضافت "دير شبيجل" أن أهالى بورسعيد رافضون تماماً لترحيل مسجونى المذبحة إلى القاهرة، وكأنهم سيتم ترحيلهم إلى دولة عدو، ونسوا تماماً أن بورسعيد والقاهرة مدينتان فى نفس البلد.
وأعربت المجلة الألمانية عن تخوفها من تصعيد الوضع خاصة وأن الجيش نزل إلى شوارع مدينتى السويس وبورسعيد، لمحاولة سيطرته على حالة الفوضى والعنف المسيطرة على المشهد السياسى فى مصر حالياً.
صحيفة "بانكوك بوست" الماليزية أكدت، أنه من المبكر الحكم على الثورة المصرية سواء بالنجاح أو بالفشل، ولكن هناك حالة من تعجل الشباب الذين قاموا بثورة الربيع العربى فى عام 2011، على الشعور بتحقيق أهداف الثورة، فى الوقت نفسه الذى تركز فيه حكومة التيار الإسلامى على إحكام قبضتها على السلطة، مهملة الأزمة الاقتصادية والأوضاع السياسية فى البلاد.
وأشارت الصحيفة الماليزية إلى أن الاقتصاد المصرى يعانى فى الفترة الحالية، وأن الأزمة الاقتصادية التى تمر بها مصر فى هذه الفترة لم تشهدها مصر من قبل، فالعنف والتوتر الذى يشهده الشارع المصرى وغياب الأمن وتدهور السياحة وقلة الاستثمار بالإضافة إلى البطالة، والعجز فى ميزان المدفوعات يضع مصر أمام تحد كبير للغاية، وكما أن أزمة انخفاض الجنيه المصرى فى مقابل الدولار هى خير دليل على فشل الحكومة المصرية الحالية فى إدارة أمور البلاد.
وأبرزت "بانكوك بوست" أن مصر تحتاج فى الوقت الحالى لمعجزة، لإنقاذها من المستقبل الكئيب الذى يخيم عليها على كل المستويات، مشيرة إلى أن مشروع "النهضة" الذى خرج به الإخوان المسلمين لحكم البلاد لا يعتبر تلك المعجزة، وأن ما تعتبره الحكومة معجزة الآن هو محاولة تأمين 4.8 مليار دولار من صندوق البنك الدولى.
الأن وفي ظل الظروف الراهنة .. نتساءل كيف يمكن ان تحتوي مؤسسة الرئاسة تلك الاحداث .. وهل يمكن ان  تعيد دفة السفينة إلى اتجاهها الصحيح ..هذا ما نأمله .. ان ترسو مصر على بر الأمان.
اللهم احفظ مصر
ياسرأبو الريش

ليست هناك تعليقات