منطقة الخليج والرهان علي سياسة النفس الطويل

ناصر الشيلمي: لو بدأت المواجهه الأيرانيه الأمريكيه فإن الكويت ستكون ضمن (بنك الأهداف) الإيرانى.
مشعل النامي : إننا نناقش قضايانا المحلية بنفسية اليائس من التحكم بالوضع الدولي والإقليمي للدولة ، فلا يمكن للأسد أن يفترس أو حتى يخيف مادام يظن أنه فأر.
لو اندلعت حرب ضد ايران فإنه ووفق الاتفاقيات الدولية فإن استخدام أمريكا لأراضينا لامناص منه.
الجنفاوي : الفجوة المعلوماتية والالكترونية والتي تعاني منها أغلب الدول العربية تأثر بشكل مباشر في الأمن الاجتماعي والوطني.
فتح الباب أمام دخول الجامعات الأجنبية الخاصة في الدول العربية ليس دليلاً على تطور التعليم في المجتمع العربي التقليدي.
ان السوق العالمية الناجحة تحتاج للهدوء والسكينة وليس الصراعات العسكرية التي لا تنتهي.
العصيدان: الكويت ستكون محط أنظار الأمريكيين بوصفها حليفًا ، وكذلك في محط أنظار الإيرانيين هجومًا بوصفنا على خط النار المعادي.
من المؤكد ان امن اي دولة هو الاساس ولكنه ومنذ قيام الجامعة العربية منذ 1945، ظل مفهوم "الأمن القومي العربي" يتراوح بين الأماني القومية صعبة التحقيق، والأحداث التي أثبتت عدم وجود هذا المفهوم وأن السجال العام الدائر حول هذه القضية الحيوية ينبئ عن خلط واضح بين الثابت والمتغير في مفهوم الأمن القومي,فهل تعاني الدول العربية من سوء التخطيط الحالي للأمن القومي؟
وهل يمكننا ان نتكلم عن الامن القومي؟
فقد قال الكاتب الصحفي الكبير محمد حسين هيكل أن الأمن القومي للدول ليس أمرًا كهنوتيًّا، تكون مناقشته وتحديده حكرًا على نخبة من العسكريين والسياسيين فقط .
وما هو الامن التقني وما علاقة الامن القومي التعليم وما تأثيره عليه وهل هناك انواع للأمن القومي ام انه نوع واحد فقط.
كل هذا في سياق التحقيق التالي
الحالة مفقودة
في البداية يقول ناصر الشيلمي الناشط السياسي رئيس الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الأداء البرلماني فى البدايه يجب أن نؤكد أن الأمن الأقليمى العربى يعيش فى حالة تشرذم وتوهان حاله كحال الوضع الإقليمى العربى بصوره عامه , وتظهر حالة التشرذم من خلال واقع العلاقات العربيه العربيه التى تتفشى بها نقاط الإختلاف والخلاف وللإسف لا يوجد ميثاق (ملموس) على ان هناك تخطيط او دراسات تتحدث عن الأمن الإقليمى العربى بصوره صحيحه ومتكامله , فالأمن الإقليمى العربى مفقود بكافة اصعدته سواء كان على الصعيد الدفاعى او الأقتصادى او الثقافى (رغم اننا تجمعنا لغه واحده وثقافه واحده) مرورا حتى الأمن الغذائى .
ويرجع السبب لهذا ليس لسوء التخطيط انما لفقدان التخطيط ! فلو كان هناك سوء تخطيط لأستطعنا تجاوزه من خلال تعديل التخطيط انما الحاله الإقليميه العربيه مفقوده تماما فى ظل المشاكل والقضايا التى يواجهها الوطن العربى التى وللأسف لم تتبقى دوله من دول العالم الا وتدخلت به بل وصل الأمر لأبعد من ذلك ان الدول الأجنبيه اصبحت وسيطه لحل المشكلات العربيه العربيه وهذا الأمر بالغ الخطوره جدآ.
مثلث قوى
واضاف انه بالنسبه لوضع الكويت فنحن وللأسف موقعنا الجغرافى وضعنا ضمن مثلث خطير بين ثلاث دول حجمها الجغرافى كبير وتعدادها السكانى اكبر وتأثيرهم على الإقتصادى العالمى قوى الخلافات السياسيه الإجتماعيه وعمقَّها وبإختلاف تجاذباتها جميع هذه القضايا تجعلنا فى غير مؤمن من اى مكروه قد يصيب ذلك المثلث , فلو لا قدرالله حدثت مواجهه فسنكون اكبر الخاسرين نظرآ لصغر المساحه الجغرافيه للكويت مقارنة مع توسع المواجهه .. جميعها تجعلنا فى غير مؤمن .
خصوصآ مانشاهده من مواجهه محتمله مابين القوى الدوليه وجمهوريه ايران حول المفاعل النووى وللأسف حتى التطمينات الإيرانيه للكويت لا تجعلنا نستبشر بخير خصوصآ فى ظل تضارب تصريحات المسئولين الإيرانيين , نجد بعض المسئولين الإيرانيين يحاولون تبسيط قلقنا تجاه المفاعل النووى بينما نجد بعض المسئولين وبنفس الدرجه يهددون ويتوعدون خصوصآ عندما تأتى خطبة الجمعه فى طهران فإن تطمينات المسئولين تذهب هباءا لاسيما واننا نعرف مدى تأثير المؤسسه الدينيه على القرار السياسي إن لم نقل انها صاحبة القرار الأوحد.
مقلق جدا
واشار الى انه فيما لو بدأت المواجهه الأيرانيه الأمريكيه فإن الكويت ستكون ضمن (بنك الأهداف) الإيرانى , والمعلوم ان المفاعل النووى الإيرانى يقع فى منطقة بوشهر القريبه من الكويت ولو حدثت مواجهه او تسريب فإن وصوله للكويت يحتاج لساعتين فقط , وهذا الأمر جدا مقلق لدينا .
بالنسبه للتقارير التى تتحدث عن ان دول الخليج سوف تصبح ثلاث دول انا اعتقد بأن مثل هذه التقارير ليست بدقيقه وخصوصآ انها صادره من بعض مسئولى (السى آى إيه ) نظرآ لمعرفتنا ان مثل تلك التقارير تجعل من بعض الدول الخليجيه اسيره لتخوفها من الغائها وان مثل تلك التقارير تضمن التواجد الأمريكى لمده أطول فى الشرق الأوسط بصوره عامه وفى الخليج بصوره خاصه , ولنا تجارب كثيره مع مثل تلك التقارير التى تأتى عادة منسجمه مع السياسه الأمريكيه العليا .
وحدة المصير
ومن جانبه أوضح الناشط السياسي والكاتب الصحافي مشعل النامي قائلا ان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال:(نحن قوم أعزنا الله بالاسلام ، فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله) ومن هذا المنطلق فإن اتحاد العرب أو محاولة إتفاقهم على وحدة المصير على الأقل باطلة ولا أساس لها ، ولا يوجد ما تتفق عليه الدول العربية باستثناء دول الخليج ، لذلك فإننا نجد أن أحد مشاكل الدول العربية أنها تهدد الأمن القومي لبعضها البعض ، فتجد بعض أجهزة المخابرات العربية تستهدف دولا عربية وإن كانت صديقة لها ، وهاهي اليوم دولنا العربية تنشئ أجهزة تختص بالأمن القومي لها أهداف موحدة بعد إيعاز من الولايات المتحدة التي فرضت هذه السياسية على دول المنطقة عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر مما يعني أن أهداف هذه الأجهزة ليست نابعة من قناعات تلك الدول التي أنشئتها وإنما هي نابعة من رغبة أمريكية ، فكيف للدول العربية أن تتفق على إيجاد مفهوم موحد للأمن القومي وهي ترى أن من يفترض أنهم أشقائها في العروبة يهددون أمنها القومي ؟
عدة مضامين
ويرى النامي ان للأمن مضامين كثيرة لا يمكن حصرها بالأمن العسكري ، فالأمن الغذائي والأمن الاجتماعي والأمن الصحي والبيئي والثقافي والاقتصادي وغيرها دلائل على سعة مفهوم الأمن الذي حصرته الكثير من الدول العربية بالأمن العسكري ، وفي حقيقة الأمر أنها تكمل بعضها البعض ولا يمكن التفريط بأي منها.
فالأمن الاقتصادي مكمل لبقية مضامين الأمن ، ومعظم مشاكلنا سببها إداري وهو ضعف كفاءة القرار ، لذلك فإن أي خطوة في الاتجاه الخطأ لا يمكنها أن تحل المشكلة.
واشار النامي قائلا إننا نناقش قضايانا المحلية بنفسية اليائس من التحكم بالوضع الدولي والإقليمي للدولة ، فلا يمكن للأسد أن يفترس أو حتى يخيف مادام يظن أنه فأر. ولهذا نعاني من خلل فكري جوهري.
البحث عن مكان
وافاد النامى انه بدلا من أن تعتقد الكويت أنها بين مثلث ضغط ، يجب عليها أن تعتقد أنها تملك القدرة على أن تجد لنفسها مكان بين هذا المثلث(العراق ،ايران ،السعودية ) ، ثم تنطلق نحو لعب دور هام وحيوي في المنطقة كونها تقع بين دول غالبا ما تكون إحداها أو أكثر طرفا في أي صراع إقليمي.
ويرى النامي انه لو اندلعت حرب ضد ايران فإنه ووفق الاتفاقيات الدولية فإن استخدام أمريكا لأراضينا لامناص منه ، ولكن للسياسة طرق ووسائل أخرى قد تجعل من استخدام أراضينا أمرا غير مرغوب به من قبل أمريكا ، ولم يضر قطر خلافها مع أمريكا الذي نقلت على أثره بعض القواعد العسكرية الأمريكية من قطر ، وكذلك لم يضر السعودية رفضها بأن تستخدم أراضيها بشكل واسع عند غزو العراق ، لذلك فإن بالامكان إطلاق مبررات تجعل من استخدام أراضينا أمر غير مرغوب به على الأقل بالنسبة للولايات المتحدة .
موقف مشترك
واوضح النامي انه يجب أولا أن توحد دول مجلس التعاون مواقفها من إيران على الأقل إن كانت تختلف في مواقف أخرى ، فلا يمكن أن تقوم حرب إعلامية بين إيران والسعودية يقطع على إثرها بث قناة "العالم" الإيرانية عن بعض الأقمار الاصطناعية التي تبث في المنطقة ، وتهدد إيران الامارات العربية المتحدة من المطالبة بجزرها المحتلة ، وتقوم الكويت في المقابل بتبادل الزيارات الرسمية مع إيران وتوقيع اتفاقيات التعاون بين البلدين على مستويات غير مسبوقة ، بل يجب على الكويت أن تضحي بعلاقتها مع إيران (إن كان هناك تضحية) مقابل اتخاذ موقف مشترك مع الأشقاء في مجلس التعاون يحفظ لهم أمنهم.
أطماع توسعية
واشار النامي انه بعد يناير من العام 1992 تغيرت سياسة الولايات المتحدة كثيرا ، وكان من أهم التغيرات تلك التي غيرت شكل العالم والعلاقات بين الدول وهي مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر ، ولا يمكن أن تكون هذه التكهنات قريبة من واقع ما قبل 11 سبتمبر فضلا عن أن تكون قريبة من الواقع الحالي ، فلا يمكن أن تختفي الامارات وقطر والبحرين والكويت وتبقى اليمن أفقر دول المنطقة وأقلها قوة عسكريا وإقتصاديا وغير ذلك ، فاليمن لم تستطع لوحدها مواجهة فلول الحوثيين فضلا عن أن تستطيع الصمود بعد التوسع الذي يدعيه ذلك المحلل السياسي الذي قال انه في غضون عام 2025 أي بعد 15 عاما لن يبقى في الخليج والجزيرة العربية
الا ثلاث دول هي اليمن وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية ، كما أن اليمن لو كانت بجوار دول لها أطماع توسعية لكانت عرضة للزوال في أي وقت ، وغير ذلك من الأدلة الواقعية التي تحبط تلك التحليلات غير المبنية على الواقع.
معاناة عربية
ومن ناحيته أكد خالد الجنفاوي الاستاذ بجامعة الكويت والكاتب والباحث في العلوم السياسية قائلا تتراوح "معاناة" الدول العربية في التخطيط لأمنها القومي حسب مقدراتها الاقتصادية والعسكرية ويحكم ذلك بالطبع خياراتها الوطنية الداخلية. وفق رأينا، ليس ثمة حالة أمنية واحدة شاملة للدول العربية بل حالات ومواقف متعددة تتراوح بين الاستقرار النسبي والاستقرار النسبي شديد الحذر. بمعنى آخر، لا يمكن تطبيق مفاهيم الأمن القومي الكلاسيكية كما نقرأ عنها في المراجع السياسية الأكاديمية على المقومات العسكرية
والأمنية العربية وذلك لاختلاف وتباين الخبرات التاريخية بين الدول العربية من الناحية الثقافية والسياسية والاجتماعية. ثمة مثلاً بعض الدول العربية والتي خضعت للاستعمار الأجنبي المباشر ولذلك تخطيطها لأمنها القومي في القرن الواحد والعشرين سيكون حتماً مختلفاً بشكل كبير عن تلك الدول العربية التي كان لها علاقات مختلفة مع القوى الأوربية في القرن التاسع عشر والعشرين. وفق رأينا أيضاً، محاولة تصور أمن قومي عربي واحد وشامل لم تتجاوز بعد الكلام الإنشائي والتمنيات القومية صعبة التحقيق في عالم اليوم. مع ظهور قطب واحد دولي واندثار الاتحاد السوفييتي ضعفت احتمالية تكوين أمن قومي عربي شامل.
مناورة دولية
واشار الجنفاوي انه تمكنت الكثير من الدول العربية في السابق المناورة بين الأقطاب الدولية وتمكن كثير منها كذلك ضمان أمن قومي عربي شبه شامل ضمانته الوحيدة بالطبع كانت التنافس العسكري والأيدلوجي الأمريكي والسوفييتي.
وأكد ان حالياً أي في عالمنا المعاصر وخصوصاً بعد الغزو البربري العراقي لدولة الكويت المستقلة والوجود الأمريكي في العراق لم يعد من المنطقي التحدث عبر نظرات رومانسية بحتة حول احتمالية تشييد أمن عربي قومي واحد. لكن من جهة أخرى يمكن أن يتحقق شعور عربي جماهيري حول ضرورة تكوين منظومة أمنية عربية لكن هذه السيناريو يحكمه بروز تهديدات فعلية في الشرق الأوسط. على سبيل المثال، الدور المتنامي والغامض لإيران في الشرق الأوسط ربّما سيحث بعض الدول العربية المحورية على التفكير الجدي في الاتفاق على إستراتجيات أمنية عسكرية مشابهه لما توصل له الغربيين حين شكلوا حزب الناتو. لا بد بالطبع من مواءمة كل هذه الاتفاقيات مع الأوضاع الداخلية الخاصة بالدول العربية.
فجوة معلوماتية
وفي نفس السياق قال دعنا نضيف للأمن العسكري والغذائي الأمن التكنولوجي والتعليمي والبيئي...أي أنّ النظرة التقليدية للأمن القومي الوطني لم تعد ترتكز على القوة العسكرية فقط بل تشمل أي تحدّ بدأ يبرز في القرن الواحد والعشرين. على سبيل المثال، الفجوة المعلوماتية والالكترونية والتي تعاني منها أغلب الدول العربية تأثر بشكل مباشر في الأمن الاجتماعي والوطني.
وأضاف ان الفرد والأسرة العربية التقليدية بدؤوا يواجهون تحديات أكثر تأثيراً في حياتهم اليومية من التهديدات العسكرية المباشرة.
وأشار الى ان الأمن الغذائي يرتكز أيضاً وبشكل مباشر على الأمن الوظيفي والحصول على أجور عادلة تمكن الأسرة العربية التقليدية من توفير المستلزمات الحياتية الأساسية. أضف إلى ذلك، يواجه الجيل العربي الجديد تحدياً ملاحظاً في الحصول على تعليم جامعي رفيع المستوى حيث لم تنجح كثير من الدول العربية في إنشاء مؤسسات تعليم عالي تواكب التطورات التربوية في العالم المعاصر. فتح الباب أمام دخول الجامعات الأجنبية الخاصة في الدول العربية ليس دليلاً على تطور التعليم في المجتمع العربي التقليدي بل ربّما يشير إلى ضعف مؤسسي في المؤسسة التعليمية العربية التقليدية. زيادة موازنات التعليم في الدول العربية هي أحد الخطوات الإيجابية والتي نعتقد أنّها ستساهم على المدى البعيد على الأقل في رفع مستوى المعيشة وترسيخ مبادئ المواطنة الصالحة.
نظريات المؤامرة
وأضاف قائلا نختلف بشكل محوري مع الأخ الفاضل الدكتور عبداللة النفيسي وذلك لأنّ الفرضيات التحليلية والتي ساقها في نقاشه الأخير حول الأمن الاستراتيجي الخليجي تفتقد وفق رأينا الروابط المنطقية والأدلة النافذة. يمكن لأي من كان رؤية مختلف الأشكال في غيوم متلبدة ويمكن لآخرين أيضاً يرون نفس الغيوم توقع أن تنهمر تلك الغيوم مطراً زاخراً ينفع البلاد والعباد! بمعنى آخر، الاستقراءات السياسية المتعارف عليها في التحليل الاستراتيجي الأمني تبتعد قدر الإمكان عن المبالغة ورومانسية الطرح فهي تستند غالب الوقت على فهم علمي ومتعمق للمحرّكات الأساسية في عالم اليوم. على سبيل المثال، "نظريات المؤامرة" خاصة تلك التي بدأت تبرز في الفترة الأخيرة في اقليمنا الشرق أوسطي تشير أنّ من لا يزال يداولها بين الناس ربما لا يفقه كيف تتم التحالفات العسكرية والسياسية في القرن الواحد والعشرين.
واشار أن عالمنا المعاصر خاصة بعد بروز الصين كقطب عالمي عسكري واقتصادي عملاق بدأ يرتكز أكثر من قبل على منهجية ومصالح اقتصادية عولمية بحتة.وان السوق العالمية الناجحة تحتاج للهدوء والسكينة وليس الصراعات العسكرية التي لا تنتهي. نتمنى بالفعل معرفة رأي الأخ الفاضل النفيسي في كتاب "الإمبراطورية" لمايكل هارت وأنطونيو نيقري والذي نشرت نسخته الورقية في سنة 2001 لمايكل حيث يناقش الباحثان الماركسيان تطور الإمبراطورية الجديدة في القرن الواحد والعشرين؟ أحد فرضيات هارت ونيقري أن السوق الاقتصادية العولمية والحفاظ على الأمن العالمي الاقتصادي أهم إستيراتيجات "القوى العظمي،" وليس العكس !
طرح عقلاني
وأكد اننا يجب علينا توخي الحذر عند نقاش قضايا إستراتيجية إقليمية تتعلق بالأمن القومي الوطني من قبل كتّاب صحف أو آخرين ربّما لا يمتلكون المعرفة الكافية بتوابع هذه الزوبعات الإعلامية الاستهلاكية . بمعنى آخر، الإغراق بالمحلية الضيقة أو تجاوز الطرح الصحافي العقلاني خاصة فيما يتعلّق بعلاقة دولة الكويت بدول الجوار لها أثار سلبية للغاية. أمّا ذكر أننا "نعاني في الكويت من خلل فكري جوهري" فيما يتعلق بنقاشاتنا المحلية والإقليمية فهو مزايدة غير منطقية. على سبيل المثال، ليس بالضرورة أن "نسيّس" ونؤدلج غصباً كل قضية محلية كارتفاع الأسعار والإيجارات مثلاً ونربطها بما يدور حولنا من "مؤامرات" دولية! لدينا في الكويت مراكز بحث ذات سمعة دولية معروفة تزود أصحاب القرار في الكويت بآخر التطورات الدولية في المجال الأمني والعسكري والبيئي والعلمي...ومن ثم يتم اتخاذ قراراتنا المصيرية تبعاً لذلك.
أدوارً محورية
وأكد ان علاقاتنا مع الدول المجاورة تحكمها الشراكة والعلاقات الدبلوماسية الرفيعة والمتينة. بل نعتقد أنّ دولة الكويت تحتل موقعاً إستراتيجيا مهماً وإيجابياً كذلك من أجل تقريب وجهات النظر بين الدول المجاورة. يكفينا فخراً أنّ قائد مسيرتنا الوطنية هو أحد أذكي من يتمتعون بخبرة دبلوماسية عريقة في الشرق الأوسط. إضافة إلى ذلك وبفضل تمتعنا بعلاقات جوار طيبة مع كل من العراق وإيران والمملكة العربية السعودية من الممكن أن نستمر نؤدي أدوراً محورية و نهضوية تقرب وجهات النظر في إقليمنا الخليجي.
توقع سيناريوهات
واضاف قائلا ان هناك من يقول لو اعلنت امريكا الحرب على ايران فسوف تستخدم اراضينا فنرجو أن نبتعد عن المبالغة في هذا الشأن فلا نعتقد أنّ هذه الأمور تدار بهذه الطريقة الفوضوية. لدينا علاقات متميزة مع إيران ومع دول المنطقة وسوف ننجح في تجييرها لصالحنا ولصالح منطقة الخليج العربي. في هذا السياق، دعينا في أكثر من مقال بعض الأخوة الأفاضل كتاب المقالات أن يبتعدوا عن التأزيم والطرح الشخصاني خاصة فيما يتعلق بأمننا الوطني أو في علاقاتنا مع دول الجوار. ولنستخدم حرية الرأي والتعبير المتاحة لنا لإفادة مجتمعنا الكويتي ونشر التسامح في منطقتنا الخليجية. أمّا محاولة توقع سيناريوهات متشائمة حول علاقة الولايات المتحدة بإيران فهذا ليس سوى تمنى أن يحدث ما هو أسوأ بالنسبة لنا جميعاً! تظل الولايات المتحدة الأمريكية دولة حليفة وصديقة لها دور تاريخي لن ينساه الكويتيين عندما ساعدنا أصدقائنا الأمريكان مع شرفاء أكثر من ثلاثين دولة في العالم التخلّص من عدو بغيض. إيران كذلك دولة صديقة وجارة نتمنى لها ولشعبها الأمن والأمان وأن تلعب كذلك دوراً أكثر ايجابية في منطقة الخليج.
حلقة وصل
وأكد انه من المفروض أن نركز أكثر على المشاركة مع إيران. لأن الاتفاقيات الاقتصادية والثقافية المشتركة والتواصل مع الدول المجاورة إلى التخفيف من حدة التوترات السياسية الإقليمية. آخر الأمر لو اندلعت النزاعات العسكرية في إقليمنا فشعوب المنطقة هي التي ستعاني. فمن المفروض أيضاً أن نكون نحن في الكويت حلقة وصل بين دول المنطقة وذلك لامتلاكنا علاقات متميزة مع كل الأطراف. تقليص الدور الإيراني في منطقتنا الخليجية ربّما يبدأ وينتهي بمزيد من الشفافية والتعاون المشترك.
من اين ولماذا
ويري المهندس حمد العصيدان الكاتب والاكاديمي بالتطبيقي أن مفهوم الامن القومي ، مخطىء من يقصره على الأمن العسكري فقط، إن لقمة الخبز وشربة الماء ومصباح الكهرباء وسبورة المدر
سة ومدرج الجامعة كلها داخلة في الأمن القومي، ونحن بصراحة مهددون في أمننا القومي ، لعلك تسأل من أين ؟ وإلى أي مدى؟ إلى أي مدى: إلى أبعد مدى تتخيله، فنحن نعتمد على آبار النفط ونستورد بعد ذلك غذاءنا ونعاني الشح في مواردنا المائية والفقر في امننا الغذائي.
أما من أين؟ فمن الجارة إيران ولكن المنافسة السعودية على الصعيد الاقتصادي شرسة، وعلى الصعيد السياسي في أخذ موقع الصدارة من صنع القرار والحضور السياسي في حل الأزمات ولعب الدور الإقليمي الأممي فالمنافسة على أشدها، ليس من السعودية وحدها، عندك قطر بقناة الجزيرة التي تحاول بسط العلم القطري في كل بيت عربي بالخبر والحضور ولا تنسى رعايتها لمفاوضات دارفور، في الوقت الذي أنعي على السياسة الكويتية غرقهاحتى الأذنين في مشاكلها الداخلية دون البحث عن دور أكثر فاعلية على الصعيدين الدولي والإقليمي.
حليف وعدو معا واضاف مؤكدا ان غزو إيران فهو مستبعد في الظروف الراهنة، ولا أرى اوباما بتلك الحماقة التي يورط فيها الأمريكيين في حرب ثالثة لا يتوازى خطرها ولا خسائرها بمخاطر وخسائر الحربين السابقتين.
وان حدث المكروه ووقعت الواقعة، وهذا ما لا نرجوه، فلا شك أن الكويت ستكون محط أنظار الأمريكيين بوصفها حليفًا استراتيجيًا في المنطقة، وكذلك في محط أنظار الإيرانيين قصفًا وهجومًا بوصفنا على خط النار المعادي، تلك حقيقة لا يمكن إنكارها.
وعن التوقع بزوال دول الخليج قبل 2025 م ، فتلك افتراضات مبالغ فيها لا يمكن تصديقها، الفكرة ليست في زوال الدول وإنما في موت تأثيرها الاستراتيجي وثقلها الإقليمي ومكانتها الدولية.
في 22 من يناير عام 1992 كانت هناك ندوة في نيويورك تحت رعاية المجلس الأميركي للعلاقات الخارجية وفي هذة الندوة طرحت 28 ورقة للنقاش على مدى 3 أيام ،مشيرا إلى أن احدى هذه الورقات وضعها محلل سياسي يدعى هارود كاد وهو يعمل في السي أي أي وقال فيها انه في غضون عام 2025 أي بعد 15 عاما لن يبقيى في الخليج والجزيرة العربية الا 3 دول هي اليمن وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية اما الباقي وهي الكويت وقطر والبحرين والامارات فهذه دول ستختفي في العام 2025 .
فهل ممكن ان يحدث هذا فعلا ؟
ياسر ابو الريش
كاتب صحافي وباحث سياسي
مشعل النامي : إننا نناقش قضايانا المحلية بنفسية اليائس من التحكم بالوضع الدولي والإقليمي للدولة ، فلا يمكن للأسد أن يفترس أو حتى يخيف مادام يظن أنه فأر.
لو اندلعت حرب ضد ايران فإنه ووفق الاتفاقيات الدولية فإن استخدام أمريكا لأراضينا لامناص منه.
الجنفاوي : الفجوة المعلوماتية والالكترونية والتي تعاني منها أغلب الدول العربية تأثر بشكل مباشر في الأمن الاجتماعي والوطني.
فتح الباب أمام دخول الجامعات الأجنبية الخاصة في الدول العربية ليس دليلاً على تطور التعليم في المجتمع العربي التقليدي.
ان السوق العالمية الناجحة تحتاج للهدوء والسكينة وليس الصراعات العسكرية التي لا تنتهي.
العصيدان: الكويت ستكون محط أنظار الأمريكيين بوصفها حليفًا ، وكذلك في محط أنظار الإيرانيين هجومًا بوصفنا على خط النار المعادي.
من المؤكد ان امن اي دولة هو الاساس ولكنه ومنذ قيام الجامعة العربية منذ 1945، ظل مفهوم "الأمن القومي العربي" يتراوح بين الأماني القومية صعبة التحقيق، والأحداث التي أثبتت عدم وجود هذا المفهوم وأن السجال العام الدائر حول هذه القضية الحيوية ينبئ عن خلط واضح بين الثابت والمتغير في مفهوم الأمن القومي,فهل تعاني الدول العربية من سوء التخطيط الحالي للأمن القومي؟
وهل يمكننا ان نتكلم عن الامن القومي؟
فقد قال الكاتب الصحفي الكبير محمد حسين هيكل أن الأمن القومي للدول ليس أمرًا كهنوتيًّا، تكون مناقشته وتحديده حكرًا على نخبة من العسكريين والسياسيين فقط .
وما هو الامن التقني وما علاقة الامن القومي التعليم وما تأثيره عليه وهل هناك انواع للأمن القومي ام انه نوع واحد فقط.
كل هذا في سياق التحقيق التالي
الحالة مفقودة
في البداية يقول ناصر الشيلمي الناشط السياسي رئيس الجمعية الكويتية لمتابعة وتقييم الأداء البرلماني فى البدايه يجب أن نؤكد أن الأمن الأقليمى العربى يعيش فى حالة تشرذم وتوهان حاله كحال الوضع الإقليمى العربى بصوره عامه , وتظهر حالة التشرذم من خلال واقع العلاقات العربيه العربيه التى تتفشى بها نقاط الإختلاف والخلاف وللإسف لا يوجد ميثاق (ملموس) على ان هناك تخطيط او دراسات تتحدث عن الأمن الإقليمى العربى بصوره صحيحه ومتكامله , فالأمن الإقليمى العربى مفقود بكافة اصعدته سواء كان على الصعيد الدفاعى او الأقتصادى او الثقافى (رغم اننا تجمعنا لغه واحده وثقافه واحده) مرورا حتى الأمن الغذائى .
ويرجع السبب لهذا ليس لسوء التخطيط انما لفقدان التخطيط ! فلو كان هناك سوء تخطيط لأستطعنا تجاوزه من خلال تعديل التخطيط انما الحاله الإقليميه العربيه مفقوده تماما فى ظل المشاكل والقضايا التى يواجهها الوطن العربى التى وللأسف لم تتبقى دوله من دول العالم الا وتدخلت به بل وصل الأمر لأبعد من ذلك ان الدول الأجنبيه اصبحت وسيطه لحل المشكلات العربيه العربيه وهذا الأمر بالغ الخطوره جدآ.
مثلث قوى
واضاف انه بالنسبه لوضع الكويت فنحن وللأسف موقعنا الجغرافى وضعنا ضمن مثلث خطير بين ثلاث دول حجمها الجغرافى كبير وتعدادها السكانى اكبر وتأثيرهم على الإقتصادى العالمى قوى الخلافات السياسيه الإجتماعيه وعمقَّها وبإختلاف تجاذباتها جميع هذه القضايا تجعلنا فى غير مؤمن من اى مكروه قد يصيب ذلك المثلث , فلو لا قدرالله حدثت مواجهه فسنكون اكبر الخاسرين نظرآ لصغر المساحه الجغرافيه للكويت مقارنة مع توسع المواجهه .. جميعها تجعلنا فى غير مؤمن .
خصوصآ مانشاهده من مواجهه محتمله مابين القوى الدوليه وجمهوريه ايران حول المفاعل النووى وللأسف حتى التطمينات الإيرانيه للكويت لا تجعلنا نستبشر بخير خصوصآ فى ظل تضارب تصريحات المسئولين الإيرانيين , نجد بعض المسئولين الإيرانيين يحاولون تبسيط قلقنا تجاه المفاعل النووى بينما نجد بعض المسئولين وبنفس الدرجه يهددون ويتوعدون خصوصآ عندما تأتى خطبة الجمعه فى طهران فإن تطمينات المسئولين تذهب هباءا لاسيما واننا نعرف مدى تأثير المؤسسه الدينيه على القرار السياسي إن لم نقل انها صاحبة القرار الأوحد.
مقلق جدا
واشار الى انه فيما لو بدأت المواجهه الأيرانيه الأمريكيه فإن الكويت ستكون ضمن (بنك الأهداف) الإيرانى , والمعلوم ان المفاعل النووى الإيرانى يقع فى منطقة بوشهر القريبه من الكويت ولو حدثت مواجهه او تسريب فإن وصوله للكويت يحتاج لساعتين فقط , وهذا الأمر جدا مقلق لدينا .
بالنسبه للتقارير التى تتحدث عن ان دول الخليج سوف تصبح ثلاث دول انا اعتقد بأن مثل هذه التقارير ليست بدقيقه وخصوصآ انها صادره من بعض مسئولى (السى آى إيه ) نظرآ لمعرفتنا ان مثل تلك التقارير تجعل من بعض الدول الخليجيه اسيره لتخوفها من الغائها وان مثل تلك التقارير تضمن التواجد الأمريكى لمده أطول فى الشرق الأوسط بصوره عامه وفى الخليج بصوره خاصه , ولنا تجارب كثيره مع مثل تلك التقارير التى تأتى عادة منسجمه مع السياسه الأمريكيه العليا .
وحدة المصير
ومن جانبه أوضح الناشط السياسي والكاتب الصحافي مشعل النامي قائلا ان عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال:(نحن قوم أعزنا الله بالاسلام ، فإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله) ومن هذا المنطلق فإن اتحاد العرب أو محاولة إتفاقهم على وحدة المصير على الأقل باطلة ولا أساس لها ، ولا يوجد ما تتفق عليه الدول العربية باستثناء دول الخليج ، لذلك فإننا نجد أن أحد مشاكل الدول العربية أنها تهدد الأمن القومي لبعضها البعض ، فتجد بعض أجهزة المخابرات العربية تستهدف دولا عربية وإن كانت صديقة لها ، وهاهي اليوم دولنا العربية تنشئ أجهزة تختص بالأمن القومي لها أهداف موحدة بعد إيعاز من الولايات المتحدة التي فرضت هذه السياسية على دول المنطقة عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر مما يعني أن أهداف هذه الأجهزة ليست نابعة من قناعات تلك الدول التي أنشئتها وإنما هي نابعة من رغبة أمريكية ، فكيف للدول العربية أن تتفق على إيجاد مفهوم موحد للأمن القومي وهي ترى أن من يفترض أنهم أشقائها في العروبة يهددون أمنها القومي ؟
عدة مضامين
ويرى النامي ان للأمن مضامين كثيرة لا يمكن حصرها بالأمن العسكري ، فالأمن الغذائي والأمن الاجتماعي والأمن الصحي والبيئي والثقافي والاقتصادي وغيرها دلائل على سعة مفهوم الأمن الذي حصرته الكثير من الدول العربية بالأمن العسكري ، وفي حقيقة الأمر أنها تكمل بعضها البعض ولا يمكن التفريط بأي منها.
فالأمن الاقتصادي مكمل لبقية مضامين الأمن ، ومعظم مشاكلنا سببها إداري وهو ضعف كفاءة القرار ، لذلك فإن أي خطوة في الاتجاه الخطأ لا يمكنها أن تحل المشكلة.
واشار النامي قائلا إننا نناقش قضايانا المحلية بنفسية اليائس من التحكم بالوضع الدولي والإقليمي للدولة ، فلا يمكن للأسد أن يفترس أو حتى يخيف مادام يظن أنه فأر. ولهذا نعاني من خلل فكري جوهري.
البحث عن مكان
وافاد النامى انه بدلا من أن تعتقد الكويت أنها بين مثلث ضغط ، يجب عليها أن تعتقد أنها تملك القدرة على أن تجد لنفسها مكان بين هذا المثلث(العراق ،ايران ،السعودية ) ، ثم تنطلق نحو لعب دور هام وحيوي في المنطقة كونها تقع بين دول غالبا ما تكون إحداها أو أكثر طرفا في أي صراع إقليمي.
ويرى النامي انه لو اندلعت حرب ضد ايران فإنه ووفق الاتفاقيات الدولية فإن استخدام أمريكا لأراضينا لامناص منه ، ولكن للسياسة طرق ووسائل أخرى قد تجعل من استخدام أراضينا أمرا غير مرغوب به من قبل أمريكا ، ولم يضر قطر خلافها مع أمريكا الذي نقلت على أثره بعض القواعد العسكرية الأمريكية من قطر ، وكذلك لم يضر السعودية رفضها بأن تستخدم أراضيها بشكل واسع عند غزو العراق ، لذلك فإن بالامكان إطلاق مبررات تجعل من استخدام أراضينا أمر غير مرغوب به على الأقل بالنسبة للولايات المتحدة .
موقف مشترك
واوضح النامي انه يجب أولا أن توحد دول مجلس التعاون مواقفها من إيران على الأقل إن كانت تختلف في مواقف أخرى ، فلا يمكن أن تقوم حرب إعلامية بين إيران والسعودية يقطع على إثرها بث قناة "العالم" الإيرانية عن بعض الأقمار الاصطناعية التي تبث في المنطقة ، وتهدد إيران الامارات العربية المتحدة من المطالبة بجزرها المحتلة ، وتقوم الكويت في المقابل بتبادل الزيارات الرسمية مع إيران وتوقيع اتفاقيات التعاون بين البلدين على مستويات غير مسبوقة ، بل يجب على الكويت أن تضحي بعلاقتها مع إيران (إن كان هناك تضحية) مقابل اتخاذ موقف مشترك مع الأشقاء في مجلس التعاون يحفظ لهم أمنهم.
أطماع توسعية
واشار النامي انه بعد يناير من العام 1992 تغيرت سياسة الولايات المتحدة كثيرا ، وكان من أهم التغيرات تلك التي غيرت شكل العالم والعلاقات بين الدول وهي مرحلة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر ، ولا يمكن أن تكون هذه التكهنات قريبة من واقع ما قبل 11 سبتمبر فضلا عن أن تكون قريبة من الواقع الحالي ، فلا يمكن أن تختفي الامارات وقطر والبحرين والكويت وتبقى اليمن أفقر دول المنطقة وأقلها قوة عسكريا وإقتصاديا وغير ذلك ، فاليمن لم تستطع لوحدها مواجهة فلول الحوثيين فضلا عن أن تستطيع الصمود بعد التوسع الذي يدعيه ذلك المحلل السياسي الذي قال انه في غضون عام 2025 أي بعد 15 عاما لن يبقى في الخليج والجزيرة العربية
الا ثلاث دول هي اليمن وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية ، كما أن اليمن لو كانت بجوار دول لها أطماع توسعية لكانت عرضة للزوال في أي وقت ، وغير ذلك من الأدلة الواقعية التي تحبط تلك التحليلات غير المبنية على الواقع.
معاناة عربية
ومن ناحيته أكد خالد الجنفاوي الاستاذ بجامعة الكويت والكاتب والباحث في العلوم السياسية قائلا تتراوح "معاناة" الدول العربية في التخطيط لأمنها القومي حسب مقدراتها الاقتصادية والعسكرية ويحكم ذلك بالطبع خياراتها الوطنية الداخلية. وفق رأينا، ليس ثمة حالة أمنية واحدة شاملة للدول العربية بل حالات ومواقف متعددة تتراوح بين الاستقرار النسبي والاستقرار النسبي شديد الحذر. بمعنى آخر، لا يمكن تطبيق مفاهيم الأمن القومي الكلاسيكية كما نقرأ عنها في المراجع السياسية الأكاديمية على المقومات العسكرية
والأمنية العربية وذلك لاختلاف وتباين الخبرات التاريخية بين الدول العربية من الناحية الثقافية والسياسية والاجتماعية. ثمة مثلاً بعض الدول العربية والتي خضعت للاستعمار الأجنبي المباشر ولذلك تخطيطها لأمنها القومي في القرن الواحد والعشرين سيكون حتماً مختلفاً بشكل كبير عن تلك الدول العربية التي كان لها علاقات مختلفة مع القوى الأوربية في القرن التاسع عشر والعشرين. وفق رأينا أيضاً، محاولة تصور أمن قومي عربي واحد وشامل لم تتجاوز بعد الكلام الإنشائي والتمنيات القومية صعبة التحقيق في عالم اليوم. مع ظهور قطب واحد دولي واندثار الاتحاد السوفييتي ضعفت احتمالية تكوين أمن قومي عربي شامل.
مناورة دولية

واشار الجنفاوي انه تمكنت الكثير من الدول العربية في السابق المناورة بين الأقطاب الدولية وتمكن كثير منها كذلك ضمان أمن قومي عربي شبه شامل ضمانته الوحيدة بالطبع كانت التنافس العسكري والأيدلوجي الأمريكي والسوفييتي.
وأكد ان حالياً أي في عالمنا المعاصر وخصوصاً بعد الغزو البربري العراقي لدولة الكويت المستقلة والوجود الأمريكي في العراق لم يعد من المنطقي التحدث عبر نظرات رومانسية بحتة حول احتمالية تشييد أمن عربي قومي واحد. لكن من جهة أخرى يمكن أن يتحقق شعور عربي جماهيري حول ضرورة تكوين منظومة أمنية عربية لكن هذه السيناريو يحكمه بروز تهديدات فعلية في الشرق الأوسط. على سبيل المثال، الدور المتنامي والغامض لإيران في الشرق الأوسط ربّما سيحث بعض الدول العربية المحورية على التفكير الجدي في الاتفاق على إستراتجيات أمنية عسكرية مشابهه لما توصل له الغربيين حين شكلوا حزب الناتو. لا بد بالطبع من مواءمة كل هذه الاتفاقيات مع الأوضاع الداخلية الخاصة بالدول العربية.
فجوة معلوماتية
وفي نفس السياق قال دعنا نضيف للأمن العسكري والغذائي الأمن التكنولوجي والتعليمي والبيئي...أي أنّ النظرة التقليدية للأمن القومي الوطني لم تعد ترتكز على القوة العسكرية فقط بل تشمل أي تحدّ بدأ يبرز في القرن الواحد والعشرين. على سبيل المثال، الفجوة المعلوماتية والالكترونية والتي تعاني منها أغلب الدول العربية تأثر بشكل مباشر في الأمن الاجتماعي والوطني.
وأضاف ان الفرد والأسرة العربية التقليدية بدؤوا يواجهون تحديات أكثر تأثيراً في حياتهم اليومية من التهديدات العسكرية المباشرة.
وأشار الى ان الأمن الغذائي يرتكز أيضاً وبشكل مباشر على الأمن الوظيفي والحصول على أجور عادلة تمكن الأسرة العربية التقليدية من توفير المستلزمات الحياتية الأساسية. أضف إلى ذلك، يواجه الجيل العربي الجديد تحدياً ملاحظاً في الحصول على تعليم جامعي رفيع المستوى حيث لم تنجح كثير من الدول العربية في إنشاء مؤسسات تعليم عالي تواكب التطورات التربوية في العالم المعاصر. فتح الباب أمام دخول الجامعات الأجنبية الخاصة في الدول العربية ليس دليلاً على تطور التعليم في المجتمع العربي التقليدي بل ربّما يشير إلى ضعف مؤسسي في المؤسسة التعليمية العربية التقليدية. زيادة موازنات التعليم في الدول العربية هي أحد الخطوات الإيجابية والتي نعتقد أنّها ستساهم على المدى البعيد على الأقل في رفع مستوى المعيشة وترسيخ مبادئ المواطنة الصالحة.
نظريات المؤامرة
وأضاف قائلا نختلف بشكل محوري مع الأخ الفاضل الدكتور عبداللة النفيسي وذلك لأنّ الفرضيات التحليلية والتي ساقها في نقاشه الأخير حول الأمن الاستراتيجي الخليجي تفتقد وفق رأينا الروابط المنطقية والأدلة النافذة. يمكن لأي من كان رؤية مختلف الأشكال في غيوم متلبدة ويمكن لآخرين أيضاً يرون نفس الغيوم توقع أن تنهمر تلك الغيوم مطراً زاخراً ينفع البلاد والعباد! بمعنى آخر، الاستقراءات السياسية المتعارف عليها في التحليل الاستراتيجي الأمني تبتعد قدر الإمكان عن المبالغة ورومانسية الطرح فهي تستند غالب الوقت على فهم علمي ومتعمق للمحرّكات الأساسية في عالم اليوم. على سبيل المثال، "نظريات المؤامرة" خاصة تلك التي بدأت تبرز في الفترة الأخيرة في اقليمنا الشرق أوسطي تشير أنّ من لا يزال يداولها بين الناس ربما لا يفقه كيف تتم التحالفات العسكرية والسياسية في القرن الواحد والعشرين.
واشار أن عالمنا المعاصر خاصة بعد بروز الصين كقطب عالمي عسكري واقتصادي عملاق بدأ يرتكز أكثر من قبل على منهجية ومصالح اقتصادية عولمية بحتة.وان السوق العالمية الناجحة تحتاج للهدوء والسكينة وليس الصراعات العسكرية التي لا تنتهي. نتمنى بالفعل معرفة رأي الأخ الفاضل النفيسي في كتاب "الإمبراطورية" لمايكل هارت وأنطونيو نيقري والذي نشرت نسخته الورقية في سنة 2001 لمايكل حيث يناقش الباحثان الماركسيان تطور الإمبراطورية الجديدة في القرن الواحد والعشرين؟ أحد فرضيات هارت ونيقري أن السوق الاقتصادية العولمية والحفاظ على الأمن العالمي الاقتصادي أهم إستيراتيجات "القوى العظمي،" وليس العكس !
طرح عقلاني
وأكد اننا يجب علينا توخي الحذر عند نقاش قضايا إستراتيجية إقليمية تتعلق بالأمن القومي الوطني من قبل كتّاب صحف أو آخرين ربّما لا يمتلكون المعرفة الكافية بتوابع هذه الزوبعات الإعلامية الاستهلاكية . بمعنى آخر، الإغراق بالمحلية الضيقة أو تجاوز الطرح الصحافي العقلاني خاصة فيما يتعلّق بعلاقة دولة الكويت بدول الجوار لها أثار سلبية للغاية. أمّا ذكر أننا "نعاني في الكويت من خلل فكري جوهري" فيما يتعلق بنقاشاتنا المحلية والإقليمية فهو مزايدة غير منطقية. على سبيل المثال، ليس بالضرورة أن "نسيّس" ونؤدلج غصباً كل قضية محلية كارتفاع الأسعار والإيجارات مثلاً ونربطها بما يدور حولنا من "مؤامرات" دولية! لدينا في الكويت مراكز بحث ذات سمعة دولية معروفة تزود أصحاب القرار في الكويت بآخر التطورات الدولية في المجال الأمني والعسكري والبيئي والعلمي...ومن ثم يتم اتخاذ قراراتنا المصيرية تبعاً لذلك.
أدوارً محورية
وأكد ان علاقاتنا مع الدول المجاورة تحكمها الشراكة والعلاقات الدبلوماسية الرفيعة والمتينة. بل نعتقد أنّ دولة الكويت تحتل موقعاً إستراتيجيا مهماً وإيجابياً كذلك من أجل تقريب وجهات النظر بين الدول المجاورة. يكفينا فخراً أنّ قائد مسيرتنا الوطنية هو أحد أذكي من يتمتعون بخبرة دبلوماسية عريقة في الشرق الأوسط. إضافة إلى ذلك وبفضل تمتعنا بعلاقات جوار طيبة مع كل من العراق وإيران والمملكة العربية السعودية من الممكن أن نستمر نؤدي أدوراً محورية و نهضوية تقرب وجهات النظر في إقليمنا الخليجي.
توقع سيناريوهات
واضاف قائلا ان هناك من يقول لو اعلنت امريكا الحرب على ايران فسوف تستخدم اراضينا فنرجو أن نبتعد عن المبالغة في هذا الشأن فلا نعتقد أنّ هذه الأمور تدار بهذه الطريقة الفوضوية. لدينا علاقات متميزة مع إيران ومع دول المنطقة وسوف ننجح في تجييرها لصالحنا ولصالح منطقة الخليج العربي. في هذا السياق، دعينا في أكثر من مقال بعض الأخوة الأفاضل كتاب المقالات أن يبتعدوا عن التأزيم والطرح الشخصاني خاصة فيما يتعلق بأمننا الوطني أو في علاقاتنا مع دول الجوار. ولنستخدم حرية الرأي والتعبير المتاحة لنا لإفادة مجتمعنا الكويتي ونشر التسامح في منطقتنا الخليجية. أمّا محاولة توقع سيناريوهات متشائمة حول علاقة الولايات المتحدة بإيران فهذا ليس سوى تمنى أن يحدث ما هو أسوأ بالنسبة لنا جميعاً! تظل الولايات المتحدة الأمريكية دولة حليفة وصديقة لها دور تاريخي لن ينساه الكويتيين عندما ساعدنا أصدقائنا الأمريكان مع شرفاء أكثر من ثلاثين دولة في العالم التخلّص من عدو بغيض. إيران كذلك دولة صديقة وجارة نتمنى لها ولشعبها الأمن والأمان وأن تلعب كذلك دوراً أكثر ايجابية في منطقة الخليج.
حلقة وصل
وأكد انه من المفروض أن نركز أكثر على المشاركة مع إيران. لأن الاتفاقيات الاقتصادية والثقافية المشتركة والتواصل مع الدول المجاورة إلى التخفيف من حدة التوترات السياسية الإقليمية. آخر الأمر لو اندلعت النزاعات العسكرية في إقليمنا فشعوب المنطقة هي التي ستعاني. فمن المفروض أيضاً أن نكون نحن في الكويت حلقة وصل بين دول المنطقة وذلك لامتلاكنا علاقات متميزة مع كل الأطراف. تقليص الدور الإيراني في منطقتنا الخليجية ربّما يبدأ وينتهي بمزيد من الشفافية والتعاون المشترك.
من اين ولماذا
ويري المهندس حمد العصيدان الكاتب والاكاديمي بالتطبيقي أن مفهوم الامن القومي ، مخطىء من يقصره على الأمن العسكري فقط، إن لقمة الخبز وشربة الماء ومصباح الكهرباء وسبورة المدر
سة ومدرج الجامعة كلها داخلة في الأمن القومي، ونحن بصراحة مهددون في أمننا القومي ، لعلك تسأل من أين ؟ وإلى أي مدى؟ إلى أي مدى: إلى أبعد مدى تتخيله، فنحن نعتمد على آبار النفط ونستورد بعد ذلك غذاءنا ونعاني الشح في مواردنا المائية والفقر في امننا الغذائي.
أما من أين؟ فمن الجارة إيران ولكن المنافسة السعودية على الصعيد الاقتصادي شرسة، وعلى الصعيد السياسي في أخذ موقع الصدارة من صنع القرار والحضور السياسي في حل الأزمات ولعب الدور الإقليمي الأممي فالمنافسة على أشدها، ليس من السعودية وحدها، عندك قطر بقناة الجزيرة التي تحاول بسط العلم القطري في كل بيت عربي بالخبر والحضور ولا تنسى رعايتها لمفاوضات دارفور، في الوقت الذي أنعي على السياسة الكويتية غرقهاحتى الأذنين في مشاكلها الداخلية دون البحث عن دور أكثر فاعلية على الصعيدين الدولي والإقليمي.
حليف وعدو معا واضاف مؤكدا ان غزو إيران فهو مستبعد في الظروف الراهنة، ولا أرى اوباما بتلك الحماقة التي يورط فيها الأمريكيين في حرب ثالثة لا يتوازى خطرها ولا خسائرها بمخاطر وخسائر الحربين السابقتين.
وان حدث المكروه ووقعت الواقعة، وهذا ما لا نرجوه، فلا شك أن الكويت ستكون محط أنظار الأمريكيين بوصفها حليفًا استراتيجيًا في المنطقة، وكذلك في محط أنظار الإيرانيين قصفًا وهجومًا بوصفنا على خط النار المعادي، تلك حقيقة لا يمكن إنكارها.
وعن التوقع بزوال دول الخليج قبل 2025 م ، فتلك افتراضات مبالغ فيها لا يمكن تصديقها، الفكرة ليست في زوال الدول وإنما في موت تأثيرها الاستراتيجي وثقلها الإقليمي ومكانتها الدولية.
في 22 من يناير عام 1992 كانت هناك ندوة في نيويورك تحت رعاية المجلس الأميركي للعلاقات الخارجية وفي هذة الندوة طرحت 28 ورقة للنقاش على مدى 3 أيام ،مشيرا إلى أن احدى هذه الورقات وضعها محلل سياسي يدعى هارود كاد وهو يعمل في السي أي أي وقال فيها انه في غضون عام 2025 أي بعد 15 عاما لن يبقيى في الخليج والجزيرة العربية الا 3 دول هي اليمن وسلطنة عمان والمملكة العربية السعودية اما الباقي وهي الكويت وقطر والبحرين والامارات فهذه دول ستختفي في العام 2025 .
فهل ممكن ان يحدث هذا فعلا ؟
ياسر ابو الريش
كاتب صحافي وباحث سياسي
التعليقات على الموضوع