ثورة وفوضى

ما بين الثورة والفوضى شعرة واحدة، وأحياناً لا يمكن أن يراها أحد، وكلما تم إصلاح بعض الأمور وتهدئة الخواطر وقع ما يؤجج الأمور أكثر وأكثر. فلليوم الثالث على التوالي استمرت الاشتباكات بين متظاهرين وقوات من الجيش في وسط القاهرة بالقرب من ميدان التحرير في مؤشر على توتر متصاعد يتزامن مع نتائج المرحلة الثانية للانتخابات البرلمانية، وأكد شهود عيان أن قوات الأمن اقتحمت في الساعات الأولى من الصباح ميدان التحرير، وأن اشتباكات عنيفة تدور رحاها تستخدم فيها الحجارة وقنابل المولوتوف. وأدت المواجهات إلى احتراق محتويات مبنى المجمع العلمي المطل على ميدان التحرير وحملت ألسنة اللهب المتصاعدة من نوافذ المجمع مع غبارها المتطاير جزءاً مهماً من تراث البلد وتاريخها والذي يعتبره المحللون أفدح الخسائر المادية للاشتباكات التي خلَّفت تسعة قتلى وأكثر من 361 مصاب. من جانبه أعلن المجلس العسكري الحاكم أنه ملتزم بتوجيهات المجلس الاستشاري لوقف العنف، مؤكدا أنه من حق الجيش الدفاع عن ممتلكات الشعب التي أقسم على حمايتها، بينما أقام الجيش حاجزا خرسانيا أمام مبنى مجلس الوزراء، للحيلولة دون تجدد الاشتباكات. جاء هذا في وقت أكد فيه رئيس الحكومة المصرية كمال الجنزوري أن ما يحدث الآن هو ثورة مضادة وهو إجهاد للثورة ، وأهاب الشعب المصري أن يتمسك ببعضه البعض وعدم إعطاء أية فرصة لدخول عناصر غريبة لتعيس في البلد فسادا. وتباينت ردود الفعل على تجدد الاشتباكات فقد اتهمت جماعة الإخوان المسلمين بعض القوى التي يُضيرها نجاح الثورة بالتآمر على مصر وإشعال الأوضاع فيها، ولم تحدد الجماعة تلك القوى، وطالبت الجماعة المجلس العسكري باعتذار واضح وسريع عن الجريمة التي تم ارتكابها، وبالتحقيق العادل والمستقل مع تعويض أهالي الشهداء وعلاج المصابين، وتأكيد إجراء انتخابات الرئاسة وتسليم السلطة للمدنيين قبل نهاية يونيو المقبل، بينما توالت الأنباء عن استقالات أعضاء المجلس الاستشاري اعتراضا على الاشتباكات. في حين انقسم الشعب بين من يرى أن العسكريون الذين حلوا محل مبارك لا يريدون التخلي عن السلطة وآخرون يرون انه قوة من أجل الاستقرار الذي يحتاجونه بشدة خلال عملية تحول صعبة إلى الديمقراطية.

التعليقات على الموضوع