اعلان بالهيدر

لعل له عذرا

في مدينة نيويورك وفي أحد قطارات الانفاق التي تملأ المدينة وحيث كان الركاب جالسين في سكينة وهدوء بعضهم يقرأ الصحف وبعضهم مستغرق بالتفكير وآخرون في حالة استرخاء والجو مفعم بالهدوءوفجأة صعد رجل بصحبة اطفاله الذين سرعان ما ملأ ضجيجهم عربة القطار في حين جلس الرجل واغلق عينيه غافلا عن الموقف كله .. وكان من بين الركاب ستيفن كوفي الخبير في مجال التنمية الشرية والذي قال لم اصدق ان يكون الرجل على هذا القدر من التبلد لا يفعل شيئا واولاده يزعجون الناس فالتفت اليه وقلت له اطفالك يسببون ازعاجا للناس! ففتح عينيه كما لو كان يعي الموقف لأول مرة وقال إنك على حق! لقد قدمنا لتونا من المستشفى حيث لفظت والدتهم أنفاسها الأخيرة، وأنا عاجزعن التفكير وأظن أنهم لا يدرون كيف يواجهون الموقف! يقول كوفي فجأة امتلأ قلبي بآلام الرجل وتدفقت مشاعر التعاطف والتراحم دون قيود وتغير كل شي في لحظة. وفي أحد الايام الصيفية الملتهبة بفعل حرارة الشمس دخل الطبيب الجراح المستشفى بعد أن تم استدعاؤه لإجراء عملية فورية لأحد المرضى، وقبل أن يدخل غرفة العمليات واجهه والد المريض وصرخ في وجهه: لم التاخر؟ إن حياة ابني في خطر؟ أليس لديك إحساس؟ فابتسم الطبيب ابتسامة فاترة وقال: أرجو أن تهدأ وتدعني أقوم بعملي، وكن على ثقة بأن ابنك في رعاية الله. فرد الأب: ما أبردك ياأخي! لو كانت حياة ابنك على المحك هل كنت ستهدأ؟ما أسهل موعظة الاخرين؟ تركه الطبيب ودخل غرفة العمليات، ثم خرج بعد ساعتين على عجل وقال لوالد المريض: لقد نجحت العملية والحمد لله وابنك بخير واعذرني فأنا على موعد أخر، ثم غادر دون أن يحاول سماع أي سؤال من والد المريض. ولما خرجت الممرضة سألها الأب: مابال هذا الطبيب المغرور؟ فقالت له: لقد توفي ولده في حادث سيارة، ومع ذلك فقد لبى الاستدعاء عندما علم بالحالة الحرجة لولدك! وبعد أن انقذ حياة ولدك كان عليه أن يسرع ليحضر دفن ولده! وعلى جانب أخر ترك أحد اصدقائي المقربين عمله وجلس فترة بلا عمل وتبدلت معه الظروف فخاف على مستقبل خطيبته، وأخذت الأفكار تطارد بعضها في رأسه وحينما كان يحادثها وهو في حالة نفسية غير مستقرة ثارت عليه وأهانته وتركته وهي مقتنعة أنه إنسان خائن لا امان له وأنه كان يلعب بها، ولم ترد أن تفهم ماذا حدث وقد عشت معهم هذا الموقف.. اراد تركها خوفا على مستقبلها وهي اتهمته بأفظع الاتهامات. قرائي الأعزاء تذكروا أن لكل شخص ظروفه الخاصة، فيجب أن نسعى للأستفسار قل أن نطلق الأحكام على الناس فلعل لهم عذر ونحن نلومهم جهلنا. 

وقفة: نعتذر لكل من اساء فهمنا في أحد المواقف .. ونلتمس له العذر .. فلعل له ايضا عذر ونحن نلومه. ياسرأبوالريش

ليست هناك تعليقات