اعلان بالهيدر

سوريا على المحك


عمليات كر وفر تجري أحداثها في مدن عدة في سوريا، وصبغ لون الدماء كل الأرجاء حيث لا تهدأ الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوري النظامي والجيش السوري الحر.
الثورة السورية التي بدأت منذ ما يقارب عام ونصف تقريبا ارتفعت أصوات النداءات المطالبة بتحرك لحماية المدنيين في سوريا، وتواصلت التحركات الدبلوماسية للبحث عن حل للأزمة بعيدا عن الحل العسكري، وكانت البداية هي المبادرة العربية لحل الأزمة في نوفمبر 2011، والتي بموجبها تم إرسال مراقبين عرب إلى البلاد لتقصي الأحداث، وانتهى تفويض بعثة المراقبين في يناير 2012، لتطرح الجامعة مُبادرة جديدة تقضي هذه المرَّة بتنحي بشار الأسد عن الحُكم وتفويض نائبه لتولِّي مهامه، على غرار المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية.. وكعادتها فشلت الجامعة العربية في حل الأزمة.
وفي يناير 2012 تأسست مجموعة أصدقاء سورية لدعم الانتفاضة السوريّة ولإيجاد تسوية عادلة للأزمة، وعقدت المجموعة مؤتمرين: مؤتمر أصدقاء سورية الأول في العاصمة التونسيّة ومؤتمر أصدقاء سورية الثاني في مدينة إستانبول التركيّة اللذان لم يسفرا أيضا عن شئ.
وفي فبراير 2012 انطلقت خطة سلام برعاية الأمم المتحدة يقودها الأمين السابق للأمم المتحدة كوفي أنان والتي تعتبر من أكثر المحاولات الدوليّة جديّة لتسوية الأزمة السوريّة واستندت الخطة بشكل أساسي على وقف إطلاق النار، ودعوة المعارضة السورية بجميع أطيافها للتعاون من أجل التوصل إلى حل سياسي للأزمة.
المحللون السياسيون بدورهم أكدوا أن مبادرة انان مبادرة دبلوماسية جيدة لكنها صعبة المنال في ظل تلك الظروف.
بالمقابل ارتفعت أصوات أخرى مدافعة عن النظام السوري متحججة بأنها تحترم القانون الدولي، ووقفت روسيا والصين رافعين الفيتو في وجه الأمم المتحدة ومجلس الامن عدة مرات لعدم اصدار قرار يدين النظام السوري. على الرغم من تصاعد حصيلة الضحايا الذي تجاوز 150 ألف شخص معظمهم من الأطفال والنساء.
في تلك الأثناء أكد الخبراء العسكريون أن تلك العرقلة ما هي إلا حربا بالوكالة تجري رحاها في سوريا بين القوى الكبرى حيث تستغل روسيا الأزمة السورية لتعزيز نفوذها الدولي في حين تحاول الصين انتهاز الفرصة لفرض وجهة نظرها العالمية.
القوى الإقليمية والدولية لم تحسم أمرها حيال الازمة السورية، ففى حين يرتأى بعضها إبقاء الأسد في الحكم لمرحلة انتقالية مع التخلص من الشخصيات الأشد نفوذا والأكثر حماقة فى النظام السوري، يذهب بعض آخر إلى الإطاحة به توطئة لإعادة إنتاج نظام بوجوه جديدة تؤدى ذات الدور المفيد للقوى الإقليمية والدولية ولكن بأدوات مغايرة.
حالة الضبابية الشديدة باتت تلف المشهد السوري التي وصفه الرئيس السوري بشار الأسد بأنها أزمة لا تزال في بدايتها، فالنظام غير قادر على الاستمرار في شكله الراهن وسط رياح التغيير الواسعة التي تعصف بالوطن العربي، والمعارضة ايضا غير قادرة على قلبه من دون تدخل دولي، والتدخل الدولي شبه مستحيل طالما بقيت القوى الكبرى على موقفها وبقي العالم قلقا من انتشار نار في هشيم المنطقة.
سوريا الأن على المحك بين عجز عربي، وتباطؤ دولي، وبين نظام درس الاحتمالات وتعامل معها بقوة انتشار النيران لأسلحته، لكن الأزمات تخلق المفاجآت.
ياسرأبو الريش

ليست هناك تعليقات