اعلان بالهيدر

أرض الفيروز بين مطرقة الخيانة وسندان الاهمال

أرض الفيروز بين مطرقة الخيانة وسندان الاهمال

في ظل ما يحدث في سيناء من اراقة دماء للابرياء من الجنود والمواطنين، وفي ظل عملية التهجير الواسعة التي يتعرض لها أهالي تلك المنطقة، والتعامل الأمني المُفرط معهم طوال الفترة الماضية، وصولا إلى قصفهم بالطائرات، نجد أن ارض الفيروز تقع ما بين مطرقة الاتهام بالخيانة وسندان الاهمال الحكومي.
لن نتهم النظام الحالي، ولن نعيد الى الاذهان حادثة تفجير كنيسة القديسين التي اكد الاعلام المصري بطريقة جنونية أن منفذيها قادمين من غزة وأن جيش الإسلام الفلسطيني وراء الحادث، ليتضح بعد ذلك كذب كل هؤلاء وزيف ادعاءاتهم، وأن ما حدث كان محاولة لخلق مناخ للاقتتال الطائفي.

ومع تأكيد الخبراء الاستراتيجيون أن ميزان القوى في ما يسمى الحرب ضد الارهاب يميل لصالح نظام الدولة بشكل كبير حيث انه يستند في الداخل على دعائم الجيش والأمن والقضاء والإعلام، وجزء معتبر من الشارع، في حين يعتمد في الخارج على دعم  كثير من دول العالم ماديا وعسكريا، في حين أن اسرائيل سمحت له باختراق اتفاقية كامب ديفيد للقضاء على الارهاب، فكيف في ظل كل هذا الدعم وهذه القوى لا يستطيع القضاء على بضعة جماعات متفرقة.

وقد تباينت آراء الخبراء والمحللين السياسيين حول طبيعة ما يحدُث في سيناء وحقيقة المواجهات الدائرة على أرضها، حيث يصف البعض ما يحدث بأنه صراعا بين الجيش وتنظيم إرهابي متطرِّف، في حين يعتبره آخرون حملة لتأديب أهالي سيناء على موقفهم المطالب بعودة الرئيس المعزول محمد مرسي، حيث ان الأحداث التي وقعت في سيناء خلال العشرين سنة الماضية، كانت تحوطها الشُّبُـهات، وهذا لا يمنع من احتمال وجود عصابات تهريب للمخدرات والسلاح، تستفيد من ظروف الفراغ الأمني النسبي واتساع صحراء سيناء.

في حين اعتبر اخرون أن الاستبداد السياسي هو سبب كل البلاء الذي نشكو منه خاصة العنف والأفكار المتشددة، حيث أنه عندما يغلق باب التغيير السلمي وتتراجع الحريات ويسود القمع البوليسي، يختلط الحابل بالنابل وتعم الفوضى البلاد، ولا يعرف الظالم من المظلوم، وينتشر في تلك الحالة حمل السلاح.

أن ابسط قراءة للمشهد في البلاد بصفة عامة يكشف أنه مشهد سيِّئ، تشارك في اشتعاله عدة اطراف، حيث أن مرتزقة الاعلام لا حرمة للدماء عندهم ويحرضون عليها بقلوب باردة، كما ان هناك فئة أخرى جاهزة لالصاق التهم بكل سهولة، في حين أن هناك من يصدق كل هذا بلا أدنى تردد، هذا في ظل حالة الترهل الأمني وعدم الشعور بالمسئولية، كل هذا ساعد في انتشار الفوضى بالبلاد.


ومع غياب الحلول، يظل الموقف ضبابيا، وينتظر أي مبادرة جادة لحل كثير من الملفات وانهاء حالة التقسيم التي تقف البلاد على حافتها حاليا.

**ياسر أبوالريش
كاتب وباحث سياسي

ليست هناك تعليقات