اعلان بالهيدر

ياسر أبوالريش يكتب: سيناء.. حائط الصد الذى يتآكل

سيناء.. حائط الصد الذى يتآكل




ما يحدث في سيناء ليس وليد اللحظة بالتأكيد حيث أنها تعاني من جملة من المشاكل التي جعلتها شوكة مغروسة في خاصرة الأمن القومي المصري.

فلقد اشارت دراسة بريطانية صادرة عن المعهد الملكى للشئون الدولية "تشاتم هاوس" في نهاية عام 2012 بعنوان «سيناء.. حائط الصد الذى يتآكل» اشارت الى سبب مأساة سيناء، مؤكدة أن الحكومات المصرية المتوالية ظلت تنظر إلى سيناء على أنها "إقليم مخترق وأهلها طابور خامس وعملاء للموساد"، وترتب على هذه النظرة سياسات منهجية للتمييز ضد أهلها وحرمانهم من تملك الأراضى ومنعهم من الالتحاق بالكليات العسكرية والوظائف العليا (صدر قرار مؤخرا بدخول 18 سيناويا فقط الى الكليات الحربية والعسكرية، كما صدر قرار بتملكهم اراضيهم ولكنه لم ينفذ) فضلا عن حرمان محافظاتها من الاستثمار.

ودللت الدراسة على هذا التوجه بعشرات من الأمثلة للمظالم التى تعرض لها أهالى سيناء وقسوة أجهزة الأمن المصرية فى التعامل معهم على مدى عقود، فمن المعتاد -مثلا- أن يحصل أهالى رفح على تصاريح من الأمن لمغادرة المدينة، وتعتبر لوحات السيارات الخاصة بسيناء "موضع اشتباه" فى عقيدة الأمن.

وأوضحت الدراسة أنه بعيداً عن المنغصات اليومية لأهل سيناء، فإن الحكومة كانت دائما تنظر للولاء القبلى السائد هناك على أنه تهديد لسلطة الدولة، واتخذت عدة إجراءات لإضعاف الروابط القبلية، وسعى الأمن إلى تفتيت هذا الولاء، وهو ما ظهرت اثاره جلية بعد ثورة يناير من انفلات امني واضح وتفجيرات مع بداية عهد الرئيس المعزول محمد مرسي.

وبحسب التقرير فإن أحد اسباب وقوع سيناء في دوامة الفوضى هو اتفاقية كامب ديفيد، حيث وصفها قائد القوة المتعددة الجنسيات - لمراقبة حدود مصر مع إسرائيل وقطاع غزة- في سيناء الميجور جنرال "وارن آيتينج" فى عرض قدمه لجامعة تل أبيب بأنها "الاتفاقية الأكثر تفصيلا فى التاريخ، فالمراقبون يخرجون ليقوموا بإحصاء وعدّ كل شىء، بدءً من المسدسات والبنادق وحتى أكياس الرمل وعدد شاحنات المياه التى تصل إلى الجنود"، وهو الأمر الذي جعل من أحد أهم الاحزمة الاستراتيجية للدولة ملعبا ترتع فيه "الجماعات الإرهابية والجهادية واسرائيل وتجار المخدرات" بلا خوف.

كل تلك المشاكل، والتعامل الأمني المبالغ فيه مع اهالي سيناء، وتأخر المشروع القومي لتنمية سيناء والذي كان مقررا البدء فيه من عام 1994 وحتي عام 2017، بتكلفة استثمارية تبلغ نحو 75 مليار جنيه، والذي مازال حلما، جعل اراضي سيناء صيدا سهلا، ومكانا جيدا لإلصاق أية تهمة بالإرهاب أو الطرف الثالث أو المجهول الذي ارهقنا جميعا.


فهل من بصيص امل يظهر في نهاية النفق المظلم.

**ياسر أبوالريش
كاتب وباحث سياسي

ليست هناك تعليقات