اعلان بالهيدر

ياسر أبوالريش يكتب: مصر.. وطوق نجاه اقتصادي


عواصف عاتية تضرب عمق الاقتصاد المصري.. محدثة ثقوب كبيرة في جسده القوي، لتتأرجح سفينته يمنة ويسرة.. مستنجدة بأطواق الجناة لانتشالها قبل الغرق.. طالبة خارطة جديدة لتسير عليها لتسابق الاقتصادات العربية والاقليمية.
 
فخلال السنوات القليلة الماضية بدأت القاعدة الإنتاجية في البلاد تتقلص بدرجة مخيفة محدثة ضغوط تضخمية كبيرة، في ظل تدهور واضح لبيئة الأعمال، تزامن ذلك مع توجه الدولة للإقتراض الداخلي والخارجي لسد عجز الموازنة.
 
لا يعني هذا الكلام أنه لا مخرج من تلك الورطة، فالإقتصاد المصري يمكن أن يتعافي سريعا لإمتلاكه المقومات المطلوبة لكنه يفتقد الى التخطيط السليم، فكم من اقتصادات كانت على حافة الهاوية وأصبحت الآن  نجوم تتلألأ.
 
لن احدثك عن الاقتصاد الياباني أو البريطاني أو الصين التي هزت اقتصادات العالم، انظر للبرازيل التي كان بينها وبين الإفلاس الفعلى عام 2002 شعرة، حيث بلغت ديونها الخارجية 250 مليار دولار، وارتفع الدين المحلى 900 مرة خلال ثماني سنوات، وكانت تعانى أيضا من التضخم والنقص الحاد فى الطاقة، وخلال 8 سنوات فقط استطاعت التحول الى واحدة من أكبر 20 اقتصاد على العالم عام 2011، كما تحولت من دولة مدينة إلى دائنة بـ 14 مليار دولار، بالإضافة إلى ذلك عودة 2 مليون برازيلى مهاجرين بعد تحسن الأحوال.
 
وأيضا الاقتصاد الهندي الذي كان يعاني من أزمات حادة، وهو الامر الذي جعل المؤسسة الدولية للتنمية تضعها في قائمة الدول الاكثر فقرا وحاجة، وكانت التوقعات كلها تؤكد أن الهند لن تقوم لها قائمة.
 
لتبدأ الهند بعدها في تغيير سياساتها الاقتصادية بشكل جذري، معتمدة على نظام قائم على السوق، من خلال خفض العوائق التجارية، وكسر احتكار الدولة، ورفع القيود عن الصناعة، والانفتاح على بقية دول العالم، فأصبحت التجارة الخارجية والاستثمار الأجنبي جزأين مُكمّلين للاقتصاد.
 
تلك الإجراءات صعدت بالاقتصاد الهندي، بشكل كبير حيث نما بوتيرة ثابتة بمتوسط 7% في الفترة من 1980 وحتى 2006 لتقف ضمن أكبر 20 اقتصادًا في العالم، كما تضاعف حجم الطبقة الوسطى إلى ما يقرب من 250 مليون شخص، وهو ما يعني ان 1% من فقراء البلاد تمكنوا من عبور خط الفقر في كل عام، وتراجع عدد الفقراء بنحو 400 مليون شخص، في حين ارتفع مستوى دخل الفرد لنحو 1570 دولارًا سنويًا.
نفس الظروف ايضا مرت بها تركيا والأرجنتين واستطاعوا عبور هذه الأزمة بخطوات مدروسة.
 
الحل لخروج الاقتصاد المصري من كبوته حدده الخبراء في عدة نقاط أهمها توسيع القاعدة الإنتاجية اعتمادا على عدد السكان، بما معناه بناء قاعدة انتاج متينة تستند لسوق كبيرقوامه 95 مليون مصرى ومحاط بسوق أكبر  قوامه أكثر من 300 مليون عربى .
 
مؤكدين أن الاهتمام السريع بالقطاعات الانتاجية يحدث زيادة بالدخل القومى بنحو 10 % خلال سنة واحدة، وهذا يؤدى إلى زيادة الصادرات ونقص الواردات فيحدث توازن أكثر فى ميزان المدفوعات.
 
وأيضا اعادة هيكلة الصناعة المصرية، وتحديث منظومتها، والاهتمام بالإنتاج الزراعى وعودة المحاصيل التي تم تدميرها، واصلاح بيئة الأعمال في مصر لتشجيع الاستثمار الداخلي وجذب الأجنبي، وإعادة النظر في البنية التحتية.
 
ويجب علينا ألا نغفل أن القيمة الأولى لأي نجاح اقتصادي هي الإنسان، وهو ما يتوجب معه تشييد الإنسان وتعبئة الطاقات الاجتماعية جنبا مع جنب اثناء تشييد المصانع والشركات.
 
•    ياسر أبو الريش
•    كاتب وصحفي

ليست هناك تعليقات