اعلان بالهيدر

العدوي والمبادئ التي لا تتجزأ



في أحد الأيام سئل  الرئيس المكسيكي السابق دياز عن الامنية التي يتمنى أن يحققها في حياته فأجاب قائلا " أود أن أكون صاحب معامل الورق والحبر لأحرقهما " ويبدو أن هناك من سمع بالنصيحة وحاول تطبيقها على الفور.
فبعد ان قامت الصحفية السويفية عبير العدوي بنشر عدة تحقيقات عن الفساد في المحافظة، وقامت بفضح اصحاب المصالح والذين يستخدمون سلطاتهم ومناصبهم للوصول الى مصالح خاصة، واجهت سيلا جارفا من الاتهامات الملفقة والغير صحيحة، وحملة هوجاء من التشويهات والاكاذيب.
فتارة يتم اتهامها بأنها تتلقى أموالا من دولا افريقية كتمويل غير مشروع لجريدتها، وهو ما اتضح أنه كلام لا أصل له، وصورة الشيك الذي روَج له الزبانية تم تتبعه ووُجد أنه لايوجد بنك بالاسم الذي يحمله الشيك وانه تم تصميمه ببرنامج الفوتوشوب.
وتارة أخرى يتم اغلاق احد الكافيهات التي سمعوا أن ملكيته ترجع لها، وبعد أن نفى عمال الكافيه هذا الكلام قام أحد المسئولين بجعل يؤدون اليمن على ذلك الكلام لكي يطمئن قلبه.
عبير التي امتهنت مهنة البحث عن المتاعب، حاولت أن تظهر للناس بعض الحقائق عبر ما تكتبه، مؤكدة أن العلاقة بين طريق الحق وطريق البرزخ علاقة طردية فكلما عانى الإنسان في الأول تهون عليه معاناته في الثاني، مشيرة إلي أن هذا ما يهون وعورة طريق الحق والشوك الذي يملأه، لافتة الى أن من يحلم بوطن لن يتخلى عن حلمه بسهولة، حتى وإن مات سيموت واقفا وبيده علم وطنه مرفوعا، محذرة من استمرار قانون ساكسونيا والدي ستكون عواقبه عودة قانون الغابة.
وواجهت العدوي في طريق البحث عن الحقيقة العديد من الصعاب، وحينما ايقن اعداؤها أنها صعبة المراس أصلب من الصخر وأقوى من الفولاذ، ابتعدوا عن الترهيب وجربوا اسلوب الترغيب والرشوة لكي تحيد عن الطريق الدي تسلكه، أو أن تغض الطرف عما يحدث على الساحة وسيكون لها نصيب معلوم، ولكن لأن المبادئ لا تتجزأ صفعتهم العدوي على قفاهم بكبرياؤها وعدم النظر إليهم أو الي ما يقولونه، مكملة الطريق الذي بدأته.
تلك المفاوضات التي قام بها بعض المفسدين على ضمير العدوي لخصه الروائي بومارشيه في مسرحيته الشهيرة  "زواج فيجارو" (لقد قيل لي إنه تم ُوضعّ نظام خاص لحرية التعبير، بشرط ألا أتكلم في كتاباتي عن الطباعة أو عن الديانة أو عن السياسية أو عن الأخلاق أو عن ذوي المناصب أو عن الأوبرا ولا عن أي شخص له مكانة ما، وبخلاف ذلك أستطيع كتابة كل شيء بحرية .. ولهذا تراني في منتهى السعادة) وهذا ما حدث فعلا مع العدوي.
العدوي التي تترأس التحرير التنفيذي لجريدة السوايفة التابعة لمؤسسة أولاد البلد للخدمات الاعلامية، وعملت أيضا كمدربة لمناهج المقاربة الحقوقية في المعهد العربي لحقوق الانسان بتونس، وكمدرب لقضايا المرأة وحقوق الإنسان بالجمعية الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات، تؤمن بالدور الذي تلعبه السلطة الرابعة" في تعزيز الديمقراطية وتشجيع التنمية عن طريق مهمتها الرقابة  والتوجيه  السليم في كثير من القضايا، ومواجهة الفساد وكشف المفسدين، كما أنها خير أداة لتنوير عقل الانسان ورسم خريطة حياته، وهو ما يجعلها تواصل طريقها بنفس القوة والجرأة واضعة مصلحة البلاد نصب عينيها متوكلة على الله في كل خطواتها.

ياسر ابو الريش

كاتب وصحفي مصري

ليست هناك تعليقات