اعلان بالهيدر

القرض الدولي هل هو اغتيال اقتصادي أم مخرج استراتيجي



اختلفت الاراء وتباينت في القرض الذي تطلبه الحكومة المصرية من صندوق النقد الدولي فهناك من أيَّد وأشار أنه الطريق الوحيد للخروج من الازمة وآخرون اشاروا أنه سيقضي علينا وعلي استقلالنا .وفريق ثالث قال إنه شر لكنه شر لابد منه. في حين ذهب فريق أخر أنه شر محض وليس به أي ذرة خير لمصر.
ففي لقائه مع وكالة رويترز للأخبار أكد الرئيس الدكتور محمد مرسي حينما سأله المذيع قائلا بالنسبة لصندوق النقد الدولي ما هي الإصلاحات الواقعية التي تنوي اتخاذها بهذا الشأن؟ هل ستخفض الدعم على الطاقة؟ هل ستزيد الضرائب؟ هذه الإجراءات تقشفية.. كيف ستسوقها للشعب المصري؟
كان رد الرئيس مرسي هو أنه يجب التمييز بين شيئين.. بين الخطة الاقتصادية والاستثمارات الداخلية في مصر وبين المستثمرين الذين يأتون من خارج مصر أو الدعم الذي يمكن أن يقدم للاقتصاد المصري.
فصندوق النقد الدولي والبنك الدولي والحركة الدولية في هذا الإطار كمؤسسة كبيرة.. لأنها تكونت لديها قناعة بأن الشعب المصري في حركته والدولة المصرية في سياستها لديها إمكانية النمو.. فصندوق النقد الدولي يريد أن يساعد مصر في هذا النمو.
وأعلن مرسي ترحيبه بالمؤسسة وبفعلها وبحركتها لمساعدة الاقتصاد المصري كي ينهض في هذه المرحلة وهو ينهض.
وأعلن رئيس مجلس الوزراء المصري، الدكتور هشام قنديل، أن الاقتراض الداخلي في هذه الفترة ليس هو الأفضل على الإطلاق لأن فائدة الاقتراض الداخلي تصل إلى 12%، بينما تصل فائدة الاقتراض الخارجي إلى 1.1% فقط. وقال قنديل على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إن الاقتراض الخارجي أفضل بكثير من الاقتراض الداخلي، خاصة أن الدين الخارجي يبلغ 12% فقط وهي نسبة آمنة جداً.

لطمأنة المستثمرين
من جهة أخرى أكد ممتاز السعيد وزير المالية ، أن قرض صندوق النقد الدولي إلى مصر يمثل نحو 200 في المائة من حصة مصر في رأسمال الصندوق.
وأشار أن موافقة صندوق النقد الدولي على إقراض مصر يتضمن شهادة حقيقية على تعافي اقتصاد البلاد ، فيما يعد إشارة واضحة لطمأنة المستثمرين العرب والأجانب للدخول والقدوم إلى مصر.
وأكد الوزير السعيد أن مساهمة الصندوق في تمويل البرنامج الإصلاحي ودعمه للاقتصاد المصري أمر مهم للغاية لأنه يعطي ثقة للعالم بأن الإصلاح الاقتصادي في مصر يسير في المسار الصحيح.

برنامج اصلاحات داخلية
بدوره يرى الخبير الاقتصادى د. أحمد جلال، ، ضرورة حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولى -الذى يقدر بـ 4.8 مليار دولار يتم سداده على 5 سنوات، وبفترة سماح 39 شهرًا، وبنسبة فائدة 1.1 %- لتفادي خفض قيمة العملة المحلية، ومواجهة انخفاض احتياطى المصرف المركزى المصري، ومعالجة أزمة ميزان المدفوعات، وارتفاع كلفة الاقتراض الذى يؤدى إلى تحمل البنوك المحلية العبء الأكبر من اقراض الحكومة، ومن ثم الإضطرار إلى خفض قيمة العملة المحلية.
وقال جلال في تصريحات لـ"بوابة الأهرام"، إن مصر بحاجة إلى 10 مليارات دولار لبدء النهوض، لذا عليها أيضا أن تحرك موارد اخرى، إضافة إلى ال4.8 مليارات دولار التي طلبتها من الصندوق، مشيرًا إلى ضرورة تزامن الحصول على القرض مع برنامج اصلاحات داخلية يمتد على مدى سنوات عديدة.
من جانبه أكد نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار، محسن عادل أن مصر ستجني مكاسب من الحصول على هذا القرض لأن الاتفاق سيعزز الثقة الدولية في قدرة الاقتصاد المصري على التعافي، ويتيح لها فرصة الحصول على المزيد من التمويل من الجهات المانحة الدولية، إلى جانب إمكانية مراجعة التصنيف الائتماني لمصر مجدداً نتيجة هذه الخطوات الإصلاحية، إضافة إلى تخفيف الضغوط على مصادر التمويل المحلية ما سيقلل من تكلفة التمويل ويساهم في عملية إنعاش الاقتصاد، مؤكداً أن الدين الخارجي على مصر مازال في حدود الأمان.

الاغتيال الأقتصادي للأمم

وعلى الجانب الاخر نصحت الكاتبة شيرين الغربلي الحكومة والمسئولين بقرأة كتاب " الآغتيال الأقتصادي للأمم" أو " أعترافات قرصان أقتصادي " للكاتب جون بركنز وهو واحد من أشهر الخبراء الآقتصاديين والذي أمضى عمره في خدمة نظام الآغتيال الاقتصادى للشعوب كما جاء في كتابه.
وأشارت أنه في اعترافات المؤلف تأكيده بأن نجاح الخبير (القرصان) يتناسب طرديا مع حجم القروض التي يتورط بها المدين، فكلما كان القرض كبيرا وقع المدين في تعثر السداد، وعندئذ تفرض شروط الدائن مثل الموافقة على تصويت ما في الأمم المتحدة أو السيطرة على موارد معينة في البلد المدين أوقبول إقامة قاعدة عسكرية على أراضيه.
بنفس الأسلوب وجد زعماء الدول -التي وقعت تحت ديون طائلة- أنفسهم مطالبين بتقديم خدمات تتمثل في إقامة قواعد عسكرية في بلدانهم، أو غض الطرف عن غزو بلد مجاور أو تقديم المساعدة اللوجيستية أو المادية، أو السكوت عن نهب ثروات بلدانهم، أو الموافقة على تصويت ما في الأمم المتحدة.
وتشير الغربللي إلى أن "بيركنز" يعترف بأنه وزملاءه نجحوا في دفع الإكوادور نحو الإفلاس، حيث ارتفع حد الفقر فيها من % 50 إلى % 70 ، وازدادت نسبة البطالة إلى % 70 ، وارتفع معدل الدين العام من 240 مليون دولار إلى 16 مليار دولار، وتخصص الإكوادور حوالي % 50 من ميزانيتها لتسديد الديون!.

الأعداء الحقيقيين
بدوره يشير المحلل السياسي محمد سيف الدولة أن النظام الاقتصادي فى مصر منذ 1974 وحتى 2011 هو صناعة غربية أمريكية بإدراه صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وهيئة المعونة الأمريكية ومنظمة التجارة العالمية وأخواتهم . واصفا اياهم بالأعداء الحقيقيين .
وأكد سيف الدولة أن تاريخ البنك والصندوق معنا محفور ومحفوظ فى ضميرنا الوطنى ، بدءا من انتفاضة يناير 1977 ضد قرارات رفع الأسعار التى تمت بأوامرهم، ومرورا بروشتاتهم المتتالية واجتماعات نادى باريس واتفاقات وخطابات النوايا عام 1991 وما بعدها ، والتى فرضوها علينا باسم الإصلاح الاقتصادي المزعوم والتى تتضمن سلسلة من الأوامر والنواهي الصريحة والقاطعة على وزن : لا تدعم السلع والخدمات، لا تعالج الناس مجانا، لا تجعل التعليم مجانى الا فى المراحل الأساسية، لا تبنى مساكن للفقراء، لا تعين موظفين جدد، بل حاول ان تتخلص من الحاليين او تقلصهم.
واضاف سيف الدولة أنه إذا كنا نشتبك كل يوم فى حوارات وصراعات سياسية وحزبية حول الدستور والانتخابات والمدنى والاسلامى، فإنه من باب أولى أن ندير حوارا وطنيا حول كيفية التحرر من التبعية الاقتصادية والسياسية للغرب .
ولدينا والحمد لله تصورات وطنية بديلة متكاملة فى هذا الشأن ، لخبراء متخصصين أمثال الدكاترة : إبراهيم العيسوى وجلال أمين و محمود عبد الفضيل واحمد النجار وغيرهم .
وأكد أن الامتناع عن تلقى مزيد من القروض والنضال ضد سياسات عصابات النهب الدولى المسماة بالبنك والصندوق، وتحرير مصر من براثنها هو اولوية وطنية على قائمة مهام الثورة .

شاهد من اهلها

الخبير الاقتصادي والمشرف على الملف الاقتصادي بحزب الحرية والعدالة ، عبد الحافظ الصاوي، قد أكد في تصريحات لـ"العربية.نت"، أن هناك عدة طرق بديلة للاقتراض من الخارج، وذلك عن طريق فتح باب الاستثمار الأجنبي المباشر للمشروعات التي تحتاج إلى تمويل داخل مصر، أو من خلال إصدار الصكوك الإسلامية.
كما أعلن عدد من النشطاء السياسيين وعلي رأسهم خالد علي المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، والخبير الاقتصادي أحمد النجار وعدد من رموز الحملة القومية لاسقاط ديون مصر، والتي تدعو لحركة شعبية شاملة لإسقاط ديون النظام السابق، والتي "لم يستفد منها الشعب وإنما دفع فاتورتها" بحسب هؤلاء النشطاء.أعلنوا رفضهم التام لمزيد من القروض.
الـقرض فى عين أمه زكاة
من جانبه أشار الخبير الاقتصادي الدكتور عمر عبد الفتاح أنه عندما يتحدث المسؤولون فى كل مكان عن الفوائد العظيمة التى سيوفرها قرض صندوق النقد الدولى .. بدون أى إشارة من قريب أو من بعيد للكوارث التى سيُدّرها علينا هذا القرض .. فإعلم أننا ما زلنا نعانى من أحد أسوأ مساوئ النظام السابق … وهو النفاق.
وأضاف أنه من الغريب أن ترى كم التهليل و التطبيل من عظمة وروعة المسؤولين الذين استطاعوا أن يحصلوا على القرض من خلال أشخاص كانوا هم ذاتهم من أشهر قليلة يلعنون القروض و الربا الذى سيودى بالبلاد الى الهلاك … ولكن ماذا نقول … فالـ"قرض فى عين أمه زكاة" عند هؤلاء اليوم …
وأشار أنه لم يلتفت أحد من المسؤولين الأفاضل الى حجم الخسائر الإقتصادية و السياسية والإجتماعية التى ستتكبدها البلاد بالموافقة على هذا القرض … فالقرض بمنتهى التبسيط سيكون سببا أساسيا لتبعية البلاد ماليا لصندوق النقد الدولى … الذى يمول الجزء الأكبر منه الولايات المتحدة … التى تحاول الآن إعادة السيطرة على مصر بعد الزيارات المتتالية من السيد الرئيس الى دول الشرق الأقصى المناهضة لأمريكا وسياستها.

موافقة مشروطة

بعض المحللين السياسيين أكدوا أنهم موافقون على الاقتراض من صندوق النقد الدولى لكن فى حاله واحده و هى أن تكون القيادة المصرية هى المتحكمة فى أوجه صرف القرض بدون تدخل من الصندوق الدولى ولكن للأسف المتحكم فى ذلك سيكون من سيعطى المال و ليس المقترض.
بعبع صندوق النقد الدولى يطل برأسه من جديد، يعيد للمصريين ذكريات الخوف من مذلة الدين و"شروط الخواجات"..فالقروض لا تُمنح مجانا وإنما تمنح بشروط ومقابل التزامات سياسية ولأهداف كثيرة فهل القرض الدولي هو اغتيال اقتصادي لمصر تحت ستار مد يد العون أم انه مخرج استراتيجي من الازمة الاقتصادية وسنديره كيفما شئنا لا كيفما شاءوا .. اسئلة كثيرة تؤرق نومي وابحث لها عن اجابات خوفا من الغرق في دوامة لا مخرج منها.
ياسرأبو الريش

ليست هناك تعليقات