اعلان بالهيدر

شرارة الربيع العربي


استحق عام ألفين واحد بلا شك أن يطلق عليه عام الشارع العربي، فهو عام التحولات الهامة في كثير من الأوطان العربية، وفلم يكن احد يتوقع أو يتنبأ أنه بنهاية هذا العام سنرى الرئيس التونسي زين العابدين بن على يفر بشكل مخزي على متن طائرة خاصة خارج بلاده، وأن حسنى مبارك سيكون مسجونا ويخضع للمحاكمة، وأن معمر القذافى سيتم إعدامه بشكل غير قانوني، وأن على عبد الله صالح سيجبر على إعلان رحيله.
الأحداث الزلزالية التي اجتاحت العالم العربي في العام ألفين واحد عشر بدأت في الأسبوعين الأولين من شهر يناير، وكان الحدث الأبرز في تونس، التي شهدت اضطرابات وتظاهرات حاشدة قامت على إثرها ثورة أطلق عليها ثورة الياسمين.
تلك الثورة التي تفجرت مع انتحار محمد بوعزيزي ذلك البائع المتجول الذي فشل في أن يجد وظيفة له في الحكومة ففجر شرارة الثورة .
توفي البوعزيزي، وأدت وفاته إلى اندلاع شرارة المظاهرات وخروج آلاف التونسيين الرافضين لأوضاع البطالة وعدم وجود العدالة الاجتماعية وتفاقم الفساد داخل النظام الحاكم. ونتج عن هذه المظاهرات التي انطلقت من مدينة سيدي بوزيد وشملت مدن عديدة في تونس سقوط العديد من القتلى والجرحى، وأجبرت الرئيس زين العابدين بن علي على التنحي عن السلطة ومغادرة البلاد بشكل مفاجأ إلى السعودية وفي الرابع عشر من يناير ، أعقبه إعلان الوزير الأول محمد الغنوشي عن توليه رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة.
وفرضت القوى الثورية التونسية، من خلال اعتصام القصبة 1 و2 على الحكومة الوقتية خارطة طريق المرحلة الانتقالية. عبر النص على تنظيم انتخابات لمجلس وطني تأسيسي توكل له مهام إعداد دستور الجمهورية الثانية، وكذلك إدارة المرحلة الانتقالية الثانية أو المرحلة التأسيسية.
وقد تفاعلت الحكومة الوقتية برئاسة الباجي قائد السبسي وكل من المؤسستين العسكرية والأمنية بإيجابية ومصداقية مع المطالب الاجتماعية والثورية. واستطاعت الحكومة الانتقالية الوفاء بكل تعهداتها، ما ساعد على تأمين كل مقومات النجاح لتنظيم انتخابات حرة وديمقراطية لأول مرة في تاريخ تونس الحديثة، وهو ما ادى الى الانتقال الديمقراطي السلس.
وبلغت الأحداث ذروتها بفوز حزب النهضة الإسلامية ذي التوجه الإسلامي المعتدل في انتخابات المجلس التأسيسي في الرابع والعشرين من أكتوبر بنحو واحد وأربعين في المئة من إجمالي الأصوات.
المساحة الزمنية بين هروب زين العابدين بن على الرئيس السابق فى يناير الماضي واعتلاء الرئيس التونسي المؤقت محمد المنصف المرزوقى سدة الحكم فى ديسمبر الحالى حفلت بالكثير من الأحداث والوقائع التى شهدتها تونس وأكدت نجاح التى كان لها فيما بعد رجع الصدى في كامل المنطقة العربية من المحيط الى الخليج، لتدشن ما أصبح يعرف بالربيع العربي.

ليست هناك تعليقات