اعلان بالهيدر

الغضب المصري يعصف بالفساد


العام ألفين واحد عشر بدأ ساخنا جدا في مصر بانفجار كنيسة القديسين في الإسكندرية وبثورة غيرت وجه مصر إلي الأبد‏..‏ لم يكن ممكنا إلا أن ينتهي عند نقطة الغليان،‏ بموقعة حربية ضارية في قلب القاهرة وفصول جديدة من انقسامات أهل السياسة‏.
ثمانية عشر يومًا هي المدة التي استغرقها الرئيس المصري السابق حسني مبارك للتنحي عن الحكم الذي دام لأكثر على مدار ثلاثين عاما .. الثورة التي بدأت يوم الخامس والعشرين من يناير من خلال دعوات على مواقع الاجتماعية.. نجحت في إسقاط النظام..الثورة التي شارك فيها كافة أطياف الشعب المصري.. تحولت إلى شعلة غضب يوماً بعد يوم.. وكلما زادت أيام اعتصامهم زاد سقف مطالب المعتصمين.
ثورة الغضب في مصر عمدت في فترة عنفوانها إلى رفع مطالب فورية وأخرى في الفترة الانتقالية. وتضمنت المطالب الفورية ضرورة تنحى رئيس الجمهورية محمد حسني مبارك، وهو ما تم فعلا في الحادي عشر من فبراير، وإلغاء العمل بقانون الطوارئ، وإلغاء جهاز مباحث أمن الدولة، وحل مَجلسي الشعب و الشورى، والإفراج عن كل المعتقلين منذ 25 يناير، وإحالة المسؤولين عن استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين منذ 25 يناير، والمسؤولين عن أعمال البلطجة المنظمة التي تَلَت 28 يناير للتحقيق.
شعار الشعب يريد إسقاط النظام بقي هو المسيطِر على امتداد أيام الثورة، ولعب مبارك بكل أوراقه، ولم ينجح في ثني الشعب عن مبتغاه.
وفي الأول من فبراير، تعهّد مبارك بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية ثمّ عين نائباً للرئيس، للمرة الأولى في تاريخه. في العاشر من الشهر نفسه، لكنّ كلّ ذلك لم ينفع، وكان لا بدّ من الخيار المرّ الذي اتخذه في الحادي عشر من فبراير حين أعلن، مكرهاً، التخلي عن الرئاسة وتكليف المجلس العسكري المصري إدارة شؤون البلاد.
وقد شهد العام محاكمات كثيرة وإدانات للكثير من رموز النظام في مصر ولعل ابرز هذه المحاكمات على الإطلاق محاكمة الرئيس السابق مبارك نفسه وهى المحاكمة التي بدأت في أغسطس الماضي ومستمرة حتى هذه اللحظة ويواجه فيها الرئيس السابق مع نجليه تُهمًا تتعلق بالفساد والتربح وإصدار الأوامر بقتل المتظاهرين أثناء الثورة.
وفي العام ألفين واحد عشر أيضا وافق المصريون في التاسع عشر من مارس على تعديل الدستور وأجريت المرحلتين الأولى والثانية من انتخابات مجلس الشعب في الثامن والعشرين من نوفمبر وتم السماح للمصريين بالخارج بالتصويت فيها لأول مرة وبدا من نتائج المرحلة الأولى للانتخابات أن حزب الحرية والعدالة ذا التوجه الإسلامي سيحصد مقاعد الأغلبية في البرلمان.
مع نهاية الـ2011، لم يفرغ ميدان التحرير حتى أنّ بعض المراقبين يشعرون أنّ "التاريخ يعيد نفسه". صحيح أنّ الرئيس حسني مبارك بات خارج السلطة، لا بل بات يحاكَم على الهواء مباشرة، ولكنّ الصحيح أيضاً أنّ الشعب المصري لم يحقّق أهدافه كاملةً بعد، ما استدعى قيام "ثورة ثانية" ضدّ "حكم العسكر" هذه المرة

ليست هناك تعليقات