اعلان بالهيدر

ايمن نور الصورة من موقع آخر(2)


ياسرأبو الريش *
 الدكتور أيمن نور، رئيس حزب غد الثورة، كان الوحيد من جبهة الإنقاذ الذى شارك فى الحوارات التى دعا إليها الرئيس مرسى، وبرغم رفض جبهة الإنقاذ لهذه الحوارات وعدم مشاركتها فيها، فإن نور ظل على تواصل مع مؤسسة الرئاسة واحتفاظه بعضوية حزبه فى الإنقاذ. كما ترددت أنباء عن قرب توليه منصب رئاسة الحكومة المصرية خلفا للدكتور هشام قنديل وحكومته.
ما هو حقيقة هذا الكلام وما هو الدور الحالي الذي يلعبه أيمن نور، وحزبه في المشهد السياسي المصري الراهن؟ وما موقفه من الرئيس الحالي مرسي ومن الإخوان المسلمين؟
في تحليل ظاهرة أيمن نور، يقول الباحث محمد نعيم، من الحزب المصري الديمقراطي الذي يشكل جزءا من جبهة الإنقاذ المعارضة، إن أيمن نور هو شخص حركي جداً، وهو متحرر أيديولوجيا تماماً منذ وقت مبكر وكان يريد أن يرث مكانة حزب الوفد أيام مبارك، وبحكم تورطه الحركي في السياسة فقد كان يفهم مدى ضعف نظام مبارك، ومدى سهولة تحديه، على خلاف من لم يكونوا متورطين في السياسة بشكل حرفي. وبالتالي فقد تعامل بجدية مع موضوع ترشحه للرئاسة، وأقام حملة جادة للدرجة التي أغضبت منه النظام فعلاً.
أما بعد الثورة، كما يضيف نعيم،  أن إدراكه لطبيعة مكونات السلطة في مصر، على الوصول لقناعة أن الإخوان لابد أن يحكموا البلد برضا حقيقي ودعم جاد من الأمريكيين، وأنه لابد من وجود عناصر ملطفة داخل سدة الحكم. لم يكن لديه مانع من لعب هذا الدور، وبالتالي فلم يأخذ موقفاً واحداً بعد الثورة يمكن له أن يغضب الإخوان، شارك بحزبه في قائمة "التحالف الديمقراطي" في انتخابات مجلس الشعب السابقة ، وهي القائمة التي كان أبرز الأحزاب المشاركة فيها حزب الحرية والعدالة، وأخذ عدداً من الكراسي لم يكن ممكناً له أن يأخذه لو دخل الانتخابات بمعزل عن الحرية والعدالة.
المحلل السياسي عمار علي حسن يبدأ قصة أيمن نور من يوم اندلاع ثورة 25 يناير، وهو اليوم الذي أقام فيه منصة في ميدان التحرير بعنوان "البرلمان الشعبي"، فما كان من الثوار إلا أن طردوه تحت شعار "لا إخوان ولا أحزاب، ثورتنا ثورة شباب"، وكان هذا، كما يقول علي حسن لوكالة الاخبار الالمانية دويتشه فيلا هو بداية شعوره بالمرارة وبألا مكان له في الثورة: و "حاول نور بعد ذلك التواصل مع التيار الشعبي الذي يتزعمه حمدين صباحي ولكنه كان بمثابة ورقة محروقة بالنسبة لكل القيادات المدنية، فتم نبذه. و أعتقد أنه كان من الممكن استيعابه بشكل أفضل في المعارضة".
ولكن نور من جانبه، كما يضيف علي حسن، وبفضل كونه شخصاً شديد المرونة والبراجماتية، لجأ للمعسكر الآخر في محاولة للبحث عن أي موقع له داخل السلطة الجديدة ويضاف لهذا شعوره بالمرارة من كون الثورة والانتخابات الرئاسية، قد أفرزتا قيادات جديدة. وهكذا بدأ محاولة تقديم نفسه في صورة المعارض المعتدل، لكنه يفعل هذا وهو في كنف السلطة، وهو يبدو للناس كورقة يوظفها الإخوان أكثر من كونه معارضاً مستقلاً".
ولكن ماذا عن أيمن نور القديم الذي تحدى مبارك. يرى علي حسن إن علاقة أيمن نور بالحزب الوطني كانت قوية، لدرجة أن الحزب الوطني ساعده في إحدى الانتخابات على النجاح في دائرة باب الشعرية، وعندما بدأ في تحدي مبارك بدأ أعضاء الحزب يصفونه بـ"ابننا العاق".

الصورة من موقع آخر
محمد محي الدين، القيادي بحزب غد الثورة الذي أسسه أيمن نور، يرى الصورة من موقع آخر. وتحدث لوكالة الاخبار الالمانية عن توجهات الحزب : "التوجه السياسي للحزب هو توجه ليبرالي ونؤمن أن الليبرالية لا يمكنها أن تتعارض مع الإسلام وإنما هي جزء من الإسلام، وبالتالي فنحن لا نعارض التوجه الإسلامي للدولة. نؤمن بالليبرالية ولكننا لسنا علمانيين. وأعتقد أننا نجحنا في تسويق فكرة أن الليبرالية لا تتنافى مع الدين".
الدور الحقيقي للحزب ظهر في اللجنة التأسيسية للدستور، كما يضيف محي الدين، حيث لعب هو وأيمن نور دوراً كبيراً من أجل الوصول للتوافق والتوفيق بين الأحزاب المختلفة وتقريب وجهات النظر: "وبالتالي فعندما يراد القيام بدور لم الشمل بين القوى الوطنية يتم اللجوء لحزبنا. الحزب يقوم بدور الوسيط النزيه. يعارض السلطة ولكنه لا يعاديها، يعارضها مع الإيمان بشرعيتها الآتية من الانتخابات" 
بالإضافة لهذا، يعي محي الدين الانتقادات الموجهة للحزب ولدور أيمن نور. يقول: "البعض بالتأكيد يقولون أننا نمارس السياسة في معية الإخوان، ولكنني أرى أن هذه سطحية شديدة لأن أيمن نور عرضت عليه مناصب كثيرة ورفضها(( وهذا الكلام يتعارض مع ما اكده الدكتور أيمن نور في جريدة الاهرام العربي ، الذى قال: إنه مستعد لرئاسة الحكومة إذا طلب منه ذلك)) 
 كما انتقد الكثيرون مشاركتنا في الحوار الوطني وخاصة من أبناء جلدتنا من التيار المدني والليبرالي(والكلام هنا لمحي الدين)، وهنا نذكر الناس بأنه ما أسهل أن تعارض، ولكن الصعب هو أن تتخذ الموقف الصحيح في الوقت الصحيح، وبالتالي فقد كنا في مواجهة النظام في الوقت الذي كان فيه الملايين لا يجرأون على التلفظ باسم مبارك، وعندما احتاج الوطن إلى الحوار فقد كنا نحن من نقوم بهذا الدور". واختتم قائلا: "أعتقد أن موقف الحزب الحالي قد أكسبه الكثير من القواعد الشعبية ولكن أفقده في نفس الوقت كثيراً من النخبة. ونحن نؤمن أن المواطن العادي أكثر تأثيراً وأهمية من النخبة.

حزب المؤتمر المصرى يلعب لصالح من؟
وهنا يتدخل  الدكتور أحمد عبد الهادي رئيس حزب شباب مصر ويثير أزمة سياسية كبيرة مشيرا إلى  قيام أيمن نور رئيس حزب غد الثورة بتأسيس وتدشين حزب المؤتمر المصرى بتعليمات وتنسيق من محمد مرسى رئيس الجمهورية ومحمد بديع مرشد الإخوان شخصيا بعد لقاءات تم عقدها فى مقر رئاسة الجمهورية والمقر العام للإخوان.
أوضح عبد الهادى أن المعلومات التى قام بجمعها وتوفرت لدية من داخل قصر الرئاسة ومصادر وثيقة الصلة داخل مكتب إرشاد الإخوان أكدت أن حزب المؤتمر المصري كان فى الأساس فكرة تم تدارسها داخل الإرشاد وكانت عبارة عن مشروع تحالف بين عدد من الأحزاب التى تدين بالولاء والإنتماء لجماعة الإخوان بهدف جمع شمل هذه الأحزاب فى تحالف واحد لايكون للإخوان وحزب الحرية والعدالة أى صلة به بشكل مباشر .
وكان هذا التحالف يستهدف فى المرحلة الأولى من تكوينة التصدى لتحالف الحركة الوطنية الذى كان يزمع أحمد شفيق تأسيسه فى الفترة الماضية لكن الفكرة تطورت إلى تحالف يستهدف ضرب أى مشروع أو تحالفات جماعية أو أحزاب تعرقل خطوات وتحركات جماعة الإخوان فى المستقبل . وقد تم عرض الأمر على بعض الأحزاب المنتمية للإخوان خلال جلسات عمل تمت بين محمد البلتاجى وعصام العريان وهذه الأحزاب وتطورت الفكرة إلى ضرورة ضم أحزاب لم تكن فى السابق تابعة ومنتمية لأى تحالفات مع الإخوان وقد طرح إسم أيمن نور وحزبة غد الثور خلال هذه الجلسات .

يشعل النار فى ملابسه ولايشعر
لكن يبدو ان الدكتور أيمن نور له رأي مختلف في كل هذا الكلام حيث قال في حوار له بجريدة الاهرام  أنه لابد أن نكون منصفين، فسبب التعجيز قلة الثقة فى الآخر وبصراحة وبدون توريات فإن جماعة الإخوان المسلمين والحرية والعدالة والرئاسة هذا الثالوث فشل فشلا ذريعا فى بناء ما يسمى بالشراكة الوطنية الواسعة، وهذا الأمر يسبق وجود الرئيس مرسى فى مقعد الرئاسة، وكان ينبغى على الجماعة والتى تدرك جيدا حساسية المجتمع نحوها، وبعد أن حصلت على أغلبية مقاعد البرلمان أن تبدأ فى عمل جاد وصادق بنيات صادقة لبناء الشراكة الوطنية وإلا لم نكن لنصل إلى هذه الحالة فالإخوان لديها شهوة السلطة والاستحواذ. 
إذا كنت تريد إصلاح قواعد اللعبة عليك أن تأخذ أولا فى الحسبان أن نظرية الأغلبية والأقلية ليست معيارية للأنظمة الديمقراطية، وجزء من المعيارية احترام حقوق الأقلية وتمثيل جميع القوى والتوازن السياسى وبناء شراكة تجعل الجميع يتشارك معك فى المسئولية، فلا شك أنك بحاجة ماسة إلى من يحمل معك هذه التركة الثقيلة والمجهدة للعبور بها إلى بر الأمان، والإخوان لم ينجحوا فى إنشاء هذه الشراكة. 
فهذه القضية لا تشغلنى أهم شىء هو الكفاءة والمهنية، فعندما أختلف مع د. مرسى أختلف معه فى أدائه وليس فى شخصه أو فكره، وأنا أصر على أن هذا الرجل لم يختبر بالشكل الصحيح، وكنا نتمنى ألا يقع فى مثل هذه الأخطاء، لكن هناك حالة تربص بهذا الرجل من أول يوم ولو عاوناه لكان أفضل. 
لا أستطيع أن أبرئ أحدا، ولكن أريد أن أوضح أن هناك خلطا شائعا بين المعارضة وجبهة الإنقاذ والتى تشكل جزءا مهما من المعارضة، وليست كل المعارضة على قلب رجل واحد فى كل القضايا لكن على الأقل يوجد تدرج فى الألوان، فهناك من يكره د. محمد مرسى لأنه إخوانى ويكره مصر أيضا لأن بها رئيسا إخوانيا، وأنا ضد هذا الفريق لأنه بهذا المنطق الغريب سيشعل النار فى ملابسه ولايشعر أنه داخل هذه الملابس. وأنا لا أقصد بهذا على الإطلاق لا جبهة الإنقاذ أو أى فرد منها، ولكن أنا أتحدث عن العنف، ولكن المعارضة المصرية معارضة شريفة بما فيها جبهة الإنقاذ. ولكننا إذا سرنا بهذه الطريقة فلن نجد ما نتصارع عليه.
ومن خلال كل ما سبق اترك لكل قارئ الحكم على الرجل هل هو فعلا يلعب لمصلحته الشخصية أم هو صناعة يراد بها ضرب الاخرين.. أم انه فعلا وطني ويريد الخير لهذا الوطن .. انا عن نفسي ابتعد عن نظريات التخوين، اللهم اصلح احوال الجميع يارب  واحفظ مصر وعز أهلها.

*كاتب ومحرر صحافي وباحث سياسي 
تم جمع المادة من عدة مصادر 

ليست هناك تعليقات