اعلان بالهيدر

رئيس وحدة الدراسات الأميركية بجامعة الكويت: الحراك الشبابي وطني وفعَّال

المشهد السياسي الكويتي سوف يبقى غير مستقراً طالما لم يمكن هناك إعادة دمج للتيارات السياسية التي قاطعت الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ومادام هناك خلل واضح في الآلية التي تحكم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهو الأمر الذي يتطلب إصلاحات سياسية حقيقية تجعل هناك انسجاماً في العلاقة بين السلطتين داخل المجلس.


هذا ما قاله الدكتور فيصل أبوصليب، أستاذ العلوم السياسية ورئيس وحدة الدراسات الأمريكية في جامعة الكويت، والذي أكد خلال حوارنا معه أن مستقبل الديمقراطية في الكويت قضية مهمة وشائكة ومن الصعب توقع ملامح هذا المستقبل، كما اشار إلى أن النموذج الديمقراطي الناقص في الكويت من المتوقع له الاستمرار لفترة طويلة. 
ابو صليب أكد ايضا أن الضربة الأمريكية تجاه النظام السوري آتية لا محالة، ولكنها فقط ستكون لردع النظام السوري عن استخدام الأسلحة الكيماوية، موضحا أن سيناريو التدخل الأمريكي في سوريا يحمل الكثير من الاحتمالات ومنها توسع دائرة الصراع في المنطقة..وإليكم الحوار.

حكم مبكر 

بعد أن تم تقديم الكثيرمن الطعون في الانتخابات البرلمانية الأخيرة وآليتها هل تتوقع ان يتم حل مجلس الامة الحالي قريبا كما اشار البعض؟
حل مجلس الأمة في الفترات الأخيرة لم يصبح أمراً غير متوقعاً أو مستبعداً، وهو من الصلاحيات الدستورية الممنوحة لرئيس الدولة ولا توجد هناك قيود على هذه الصلاحية سوى ألا يجوز الحل لذات الأسباب مرتين، وهو الأمر الذي يتم تجاوزه بسهولة في تغيير الأسباب في مرسوم الحل، وأن تجرى الانتخابات في غضون شهرين. لذلك فإن حل المجلس من بقاءه مرهون بطبيعة العلاقة بين السلطتين وبالظروف السياسية التي تشهدها البلاد، وبرؤية رئيس الدولة وقراره في الحل والعودة للانتخابات أم في الاستمرار في المجلس الحالي. 
ولكن يجب القول بأنه من المبكر الحكم بمثل هذه التوقعات خصوصاً في ظل عدم انعقاد المجلس بسبب العطلة الصيفية، وقد تطرأ بعض المستجدات في دور الانعقاد القادم التي تعيد سيناريو الحل، إلى التداول مرة أخرى. 
أما الإبطال من قبل المحكمة الدستورية بسبب الخطأ في الإجراءات فهو أمر أصبح وارداً في الفترة الأخيرة وبشكل كبير، لكن مرة أخرى لا أحد يستطيع التكهن بكون المجلس الحالي سوف يكمل مدته الدستورية أم لا، لأن هذا الأمر كما قلت مرهون ببعض العوامل التي لم تبرز حتى الآن. 

صنيعة حكومية 

بوجهة نظرك كيف يمكن التخلص من الاستقطابات القبلية والطائفية في الكويت والمجتمع الخليجي؟

الحقيقة بأن الاستقطابات القبلية والطائفية في الكويت هي صنيعة حكومية كان الهدف منها هو السيطرة على مخرجات العملية الانتخابية وبالتالي القدرة على التحكم في المؤسسة التشريعية، وهي قضية خطيرة، قد تؤدي إلى نتائج إيجابية على المدى القصير تتعلق بالتحكم في الانتخابات، ولكن على المدى الطويل، فإن مثل هذه الاستراتيجية تؤدي إلى الإضرار الكبير بالأمن الوطني الكويتي، لأنها تضعف من قيمة المواطنة وهو الأمر الذي اتضحت ملامحه في الفترات الأخيرة. ولذلك فإن معالجة مثل هذه السلبيات يقع على كاهل الحكومة وسياساتها، من خلال استخدام أدواتها الإعلامية والتربوية والتعليمية في محاولة تصحيح هذا النهج الخاطئ، كما أن لمؤسسات المجتمع المدني دور في تحقيق ذلك، وهي مهمة لسيت سهلة وقد تأخذ فترة طويلة، ولكن من المهم أن نبدأ فيها من الآن. كما يجب ألا نغفل الدور الإقليمي والصراعات والنزاعات الطائفية في المنطقة ومدى تأثيرها على المشهد السياسي الكويتي الداخلي. 

عدم نضوج التجربة

مراكز الأبحاث والاستطلاعات تلعب دوراً مهماً في صياغة السياسات على مستوى الكثير من الدول، فما الدور الذي تلعبه تلك المراكز في الكويت؟

الحقيقة بأن مراكز الدراسات  Think tanks في الدول الديمقراطية الغربية لها دور كبير في عملية صنع القرار، ولا يمكن لأي متخذ قرار في هذه الدول سواء كان في السلطة التنفيذية أم التشريعية أن يتخذ قراراً دون الرجوع للدراسات العلمية التي تعطيه تصوراً أوضح حول الموقف والقضية التي يواجهها، ولكن في الكويت يغيب أو يضعف دور مثل هذه المؤسسات بشكل كبير، لعدم اقتناع متخذي القرار في الكويت بجدوى مثل هذه المراكز ومن هنا فإننا لا نجد بأن هناك اهتماماً كبيراً بمثل هذه المؤسسات البحثية والفكرية، وهو الأمر الذي بلا شك يعكس عدم نضوج التجربة الديمقراطية الكويتية. 

الحراك الشبابي

كيف تقيم الحراك الشبابي، وهل تعتقد أنه قادرعلى تغيير خارطة القوى السياسية في الكويت؟

الحراك الشبابي في الكويت أثبت فعالية كبيرة في التفاعل مع القضايا المطروحة على الساحة السياسية، وقد حقق نجاحات ملحوظة في بعض القضايا منها مثلاً إعادة توزيع الدوائر الانتخابية في حركة نبيها خمس، وكذلك في التصدي للفساد الذي ظهر في المؤسسة التشريعية بعد فضيحة الإيداعات، وأيضاً في ردة الفعل على إصدار مرسوم الضرورة بالصوت الواحد، كل هذه القضايا تثبت بأن الحراك الشبابي في الكويت فعال وحيوي، وقد يضعف في بعض الأحيان، ولكنه في النهاية موجود وقادر على أن يكون يظهر بقوة على الساحة السياسية، ولكن الحراك الشبابي في الكويت يعاني من بعض السلبيات ونقاط الضعف أهمها أنه يعتمد على مبدأ ردود الأفعال في التحرك، ولا توجد لديه منهجية واضحة في التحرك، ولا يتمتع بسياسة النفس الطويل، كما أنه يعتمد بصورة كبيرة على الأشخاص وخصوصاً نواب المجلس، وهو الأمر الذي يضعف أي حراك في أي دولة، ولكن لا أحد ينكر بأنه حراك وطني لا يرتبط بأي مصالح ضيقة أو شخصية. وأعتقد بأنه على الرغم من أن البعض يرى في أن الحراك الشبابي فشل في قضية الصوت الواحد، إلا أنني أرى العكس وهو أن الحراك الشبابي من خلال تفاعله وتحركه جعل تكلفة محاولة العبث في الدستور مستقبلاً كبيرة. 

ديمقراطية منقوصة

في وجهة نظرك ما هو مستقبل الديمقراطية الكويتية خلال الايام القادمة؟

مستقبل الديمقراطية في الكويت ليس فقط في الأيام القادمة ولكن في المراحل القادمة قضية مهمة وشائكة ومن الصعب توقع ملامح هذا المستقبل، والأمر مرتبط بعوامل لسيت فقط داخلية ولكن خارجية أيضاً، والواقع بأن المعطيات الحالية وهي استقرار الأمر لتغيير النظام الانتخابي والنكسات التي حصلت في التجارب الديمقراطية في المنطقة خصوصاً في مصر، كلها مؤشرات غير مشجعة على تطور الديمقراطية في الكويت، ولكن في النهاية لا يوجد هناك أمر دائم أو مستقر في السياسة، قد تطرأ بعض التغيرات في المستقبل والتي من خلالها يمكن العمل على تطوير التجربة الديمقراطية. 
ولكن في كل الأحوال فإن هذا النموذج الديمقراطي الناقص في الكويت من المتوقع له الاستمرار لفترة طويلة، ولكن الطموح الحقيقي ليس في هذه الديمقراطية المنقوصة ولكن في تحقيق صورة الديمقراطية الحقيقية من خلال نظام برلماني متكامل، وهو الأمر الذي لا يبدو بأنه قريب التحقق في الفترة الحالية. 

في ظل الاستقرار النسبي للشارع السياسي ما رؤيتك للمشهد السياسي الكويتي خلال الأيام المقبلة؟

المشهد السياسي الكويتي سوف يبقى غير مستقراً طالما لم يحصل هناك إعادة دمج للتيارات السياسية التي قاطعت الانتخابات، ومادام هناك خلل واضح في الآلية التي تحكم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهو الأمر الذي يتطلب إصلاحات سياسية حقيقية تجعل هناك انسجاماً في العلاقة بين السلطتين داخل المجلس وهو الأمر الذي لا يمكن أن يحصل إلا من خلال حصول الحكومة على ثقة البرلمان عند تشكيلها. 

ضربة رادعة 

يتزايد الحديث عن الضربة العسكرية ضد سوريا في الساعات أو الأيام القليلة، هل تعتقدون أن الحل العسكري هو الذي سيُسقط النظام السوري؟

الملف السوري من الملفات الشائكة في المنطقة لعدة اعتبارات أهمها جيوسياسية متعلقة بموقع سوريا الجغرافي في المنطقة، وعوامل تتعلق بالتحالفات والاستقطابات الاستراتيجية الإقليمية والدولية ودور هذه الأقطاب في الوضع السوري، إضافة لعوامل داخلية متعلقة بالخريطة العرقية والطائفية السورية ومدى تأثير ذلك على الصراع الدائر هناك. وإدارة أوباما لديها منهج وخط تريد الحفاظ عليه وهو عدم تكرار أخطاء إدارة بوش الابن في المنطقة، لذلك فإنها تتحفظ كثيراً على مسألة التدخل العسكري في سوريا، لكن هناك أمر ما طرأ وغيّر نوعاً ما هذه المعادلة، وهو استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، وقد قال الرئيس أوباما في السابق أن استخدامه يعتبر خطاً أحمر، لذلك فإنه إذا لم تقم الولايات المتحدة بالرد على تجاوز هذا الخط فإن مصداقيتها في العالم سوف تهتز وتضعف. 
هناك ركيزة أساسية في الاستراتيجية الأمريكية تقوم على سياسة الردع، ومن أهم شروط الردع المصداقية، وبدون المصداقية لا يمكن لأي دولة ان تنجح في تطبيق هذه الاستراتيجية، لذلك أعتقد بأن الضربة الأمريكية تجاه النظام السوري آتية لا محالة، ولكن يبقى مدى وحجم تأثير هذه الضربة، ويتضح من خلال التصريحات الرسمية الأمريكية بأنها ستكون محدودة وتهدف إلى ردع النظام السوري عن استخدام هذه الأسلحة مجدداً، أما أن هذه الضربة سوف تؤدي إلى إسقاط النظام السوري من عدمه، فإن هذا يعتمد ربما على عوامل على الأرض في سوريا ومدى قدرة القوات المعارضة على استغلال هذه التدخل الأمريكي لصالحها. 

حروب بالوكالة

وهل يمكن أن يكون لهذه الضربة أي ضرر أو تأثير على دول الخليج عموما والكويت بوجه خاص؟

سيناريو التدخل الأمريكي في سوريا يحمل الكثير من الاحتمالات ومنها توسع دائرة الصراع في المنطقة، وهناك من يفرط في التشاؤم ويتحدث عن مواجهة روسية أمريكية وبالتالي نشوب حرب عالمية جديدة، وهو أمر مستبعد، وهناك من يتحدث عن تدخل إيراني، وهو أمر محتمل، ولكن المنهج الإيراني في التعامل مع الأزمات الإقليمية لا يقوم على المواجهة المباشرة وإنما يعتمد على الحروب بالوكالة من خلال الأطراف الموالية، لذلك فإن إيران قد تلجأ إلى توسيع دائرة الصراع من خلال حزب الله ومحاولة الإضرار بالمصالح الأمريكية في المنطقة، وهذا ما سوف يؤدي إلى الإضرار بأمن الخليج. 

ياسر ابوالريش

ليست هناك تعليقات